بعد ترقب كبير لقرار مجموعة العمل المالي الدولية عن مآل وضعية المغرب بها، عقب قررها السابق بإدخال المغرب اللائحة الرمادية سنة 2021، بفعل “نواقص في القوانين المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”، التي كانت تعيق مساعيه المالية الدولية، أعلنت المجموعة، مؤخرا، عن قرار خروجه بعد تقييم إصلاحات الملاءمة التي قام بها، من أجل التوافق مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكد تقرير خبراء المجموعة، عقب الزيارة الميدانية التي قاموا بها بداية السنة، خلاصات إيجابية بشأن إصلاحات المغرب، مثمنين التزام المملكة مع مطالب المجموعة المالية، ووفائها التام بجميع التزاماتها في الآجال المحددة.
ولم يكن هذا الإنجاز محض صدفة، فقد حرص المغرب على تعزيز ترسانته القانونية في مجال مكافحة غسيل الأموال، حيث تم في هذا الإطار، اعتماد مجموعة من مشاريع القوانين، بينما عملت مؤسسات الدولة على تعزيز الآليات الرامية إلى الوقاية من هذا النوع من الممارسات.
وركزت التدابير المتخذة من طرف المملكة على حزمة من الإجراءات التشريعية، التنظيمية، التحسيسية والرقابية، والمنفذة من قبل مختلف السلطات والمؤسسات الوطنية المعنية، بتنسيق من الهيئة الوطنية للمعلومات المالية وبشراكة مع الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون العام أو الخاص.
وفي هذا الصدد، أعربت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية أنها وقفت على زيادة بنسبة 60 في المئة في عدد التصاريح بالاشتباه، وارتفاعا بنسبة 116 في المئة في عدد الطلبات الواردة من السلطات الوطنية لإنفاذ القانون في إطار التحقيقات المالية الموازية، وأيضا ارتفاعا بنسبة 33 في المئة في عدد طلبات المعلومات الصادرة من طرف الهيئة إلى الوحدات النظيرة، مضيفة أنها تلقت خلال السنة 3409 تصاريحا بالاشتباه، تتعلق بحالات مرتبطة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، منها 3363 تصريحا مرتبطا بغسيل الأموال و46 متعلقا بالاشتباه بتمويل الإرهاب.
الآثار الإيجابية للقرار:
يجمع الخبراء والاقتصاديون المغاربة، على أن خروج المغرب من اللائحة “الرمادية” لمجموعة العمل المالي، من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابي على التصنيفات السيادية وتنقيط البنوك المحلي، لينضاف ذلك إلى العديد من التصنيفات الدولية المحدثة من قبل مؤسسات التصنيف، التي تضع المغرب في صدارة الدول الجيدة على مستوى الاستثمار.
ومن جانب آخر، يعزز هذا القرار الخيارات الجيدة المتخذة في مجال السياسة الاقتصادية للبلاد ويؤكد أهمية التدابير المعتمدة من حيث الحكامة والشفافية الضريبية، تماشيا مع المعايير الدولية.
كما أن هذه الخطوة الوازنة كفيلة بتعزيز صورة المغرب ومكانته أثناء المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، فضلا عن زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الوطني.
ويضيف الخبراء، أنه من خلال انضمام المغرب إلى النادي المصغر للبلدان التي أظهرت تطورا إيجابيا على مستوى تشريعاتها وممارساتها الضريبية، سيعزز المغرب جاذبيته ويطمئن المستثمر بشأن الطابع السليم لتشريعاته ومنظومته الضريبية.
وفي الأخير، يشار إلى أن المملكة أعربت أنها ستعمل على تحصين هذه المكتسبات، حيث جددت التزامها القوي بمواصلة تعزيز المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، انسجاما مع تطور المعايير الدولية ذات الصلة، مؤكدة على أن هذا الالتزام أضحى ذا طابع استراتيجي ومؤسساتي، يروم حماية النظام المالي الوطني من مخاطر الجرائم المالية.
أمل عكاشة