فاجعة “عين بيضة” بإقليم تاونات، أعادت حالات الرعب إلى مدننا، و أججت مظاهر الغضب والاحتجاج بين المواطنين الذين لا يفهمون موقف المسؤولين، السلبي من قضية المختلين عقليا، الذين يعيشون، طلقاء، بيننا، بما يمكن انتظاره من أخطار مداهمة قد يتعرض إليها مواطنون أبرياء، ذنبهم الوحيد أن ظروفهم التعيسة ساقتهم إلى طريق مختل أو مختلين عقليا، عرضوهم لمخاطر محققة، قد تصل إلى الاغتيال.
وهو ما حصل، بالفعل، في “عين عايشة“، القرية الهادئة، التي كانت تعيش أيامها الرمضانية ببساطة ، ولكن بأمل في الله كبير، أن “يسهل” الأمور، و“يبدل الساعة بساعة أحسن منها” إلى أن ظهر في المشهد شخصٌ ثلاثيني مختل عقليا، ليحدث مجزرة رهيبة ، ذهب ضحيتها طفلان وامرأة مسنة، فيما تعرضت سيدة وطفلة، وآخرون، لإصابات بليغة.
المختل لم يكن غريبا لا على القرية ولا على سلطاتها، ولا على ضحاياه الذين كانت تربطه بهم علاقة قرابة فالمرأة المسنة التي توفيت في الحال كانت زوجة عمه، والطفلان 7 و 9 سنة) كانا ابني عمته، فارقا الحياة وهما في طريقهما إلى المستشفى، حيث لفظت أنفاسها، أيضا، زوجة ابن عمه التي أصابها إصابة بليغة. فيما أصيبت سيدة ثالثة من أقارب “المجنون” بجروح بليغة، وإصابة قوية في الرأس، تمكنت من تجاوز الخطر بعد إسعافها بالمستشفى الجامعي بفاس.
رجال الدرك الذين هرعوا لمكان الحادث، وقفوا على الهلع الكبير الذي عاشته الجماعة وعلى الذعر الذي أصاب أهل الجماعة وأقارب الضحايا، الست، بين قتيل وجريح، وسط برك من الدماء.
المختل عقليا تم توقيفه بصعوبة، نظرا للمقاومة العنيفة التي واجه بها الدركيين، وهو الآن تحت الإقامة النظرية، ولربما أنه غير واع بخطورة ما حصل…… والبحث جار !!!
ولا زال المغاربة يذكرون فاجعة الجديدة، حيث قام شخص يعاني من إضرابات عقلية، بالإجهاز على عشرة أفراد من عائلته باستعمال السلاح الأبيض، بدوار “القدامرة” بمن فيهم والده الثمانيني، ووالدته (65) سنة، وعمه الخمسيني وعدد من قريباته وأقربائه.
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت عدد من مدن المغرب، حالات اعتداء، بعضها مميتة، قام بها مختلون عقليا، غالبا، بالشارع العام، ذهب ضحيتها العديد من المواطنين في مدن عدة، كالرباط، والدار البيضاء، وفاس، وتمارة، وبيني ملال، وبوجدور، وأكادير (تدارت) وقلعة السراغنة، وسيدي قاسم، وغيرها.
ذلك أن السلطات المسؤولة “تتجاهل” من جهة، خطورة وجود “مختلين عقليا” بالشارع العام، ومن جهة أخرى، ضرورة توفير الحماية اللازمة لمن “تبقى” في البلاد ممن لا زالوا يتحكمون، نسبيا، في عقولهم. !….
لقد أصبح “عاديا” ملاحظة وجود مرضى الاضطرابات العقلية، وهم يتجولون بحرية تامة بالشوارع، وهم يقومون بحركات مستفزة، وأحيانا مخيفة، مرعبة، من تحرش بالمارة وتهديدهم بالضرب، الأمر الذي يحدث هلعا كبيرا في أوساط المواطنين الذين يصعب عليهم أن لا توفر الدولة الحماية لهم وللمرضى أيضا، الذين تكاثرت أعدادهم بعد إغلاق “زاوية بويا عمر“ التي كان يُحتجز فيها المرضى عقليا. وإذا كانت هذه المبادرة، حدثا إيجابيا، في حد ذاتها اعتبارا للظروف اللاإنسانية التي كان يعيشها المرضى في هذه الزاوية، فإن الدولة لم تهيئ البديل حيث إن المراكز المعدة لاستقبال هؤلاء المرضى، بالرغم مما قيل من مضاعفة الأسرة في المستشفيات المتخصصة التي قيل أيضا إن عددها اتسع ، إلا أنه تم تسريح العديد من هؤلاء المرضى وتمتيعهم بالحرية “المطلقة“، ليعبثوا بأمن وسلامة المواطنين الذين يجدون أنفسهم، هم، في “حرية طوارئ” هشة ومفتوحة على كل الاحتمالات !.
عزيز كنوني