‫طنجة قطب صناعي واعد بفضل المنطقة الصناعية وأنشطتها في مجالات التصنيع والتجارة واللوجيستيك‬

‫إلا أن التماطل الذي وقع في تنفيذ الخطة الملكية لفائدة طنجة أدى إلى ضياع ثقة التجار والصناع الأجانب المقيمين بهذه المدينة، ما عجل بانتقالهم إلى إسبانيا التي كانت المستفيد الأكبر من زلزال طنجة التي كانت قد حصلت على ما سمي آنذاك “تدابير إنعاش طنجة”، المتمثلة، خاصة، في حصول رجال الأعمال على حصة محترمة من العملة الصعبةـ واستيراد 30 ألف طن من السكر الكوبي عبر ميناء طنجة، وتصدير ما بين 120 و 129 ألف طن من حوامض اللوكوس والشمال عبر ميناء طنجة،‬
‫التي استفادت أيضا من قرار مؤقت بخفض 50 بالمائة من بعض الضرائب.‬
‫‬
‫
‫وعلى هذا المنوال سار جلالة الملك محمد السادس في تعاطيه مع قضايا التنمية ليس فحسب بالنسبة لطنجة بل وأيضا على مستوى مختلف مناطق وجهات المغرب. بحيث تستجيب التدابير التنموية الموضوعة، لخصوصيات تلك الناطق وإمكاناتها وطموحات أبنائها.‬

‫وفي هذا الإطار جاء المخطط الملكي لـ “طنجة الكبرى” ليعطي الانطلاقة الكبرى لهذه المدينة، بمجموعة من المشاريع كان أهمها إنشاء ميناء طتجة المتوسط والمناطق الصناعية والصناعية الحرة، فضلا عن التجهيزات الأساسية الكبرى التي تعززت بمشاريع جديدة وقوية، الأمر الذي بوأ طنجة مكانة هامة بين عواصم ضفتي الأبيض المتوسط، وقفز بها إلى مصاف الأقطاب الصناعية المتوسطية الهامة.‬

‫وهو ما أكده التقرير الاقتصادي حول إفريقيا 2017، الذي أعلن عنه الثلاثاء الماضي بمقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا في أديس أبابا، والذي يحمل عنوان : “التعمير والتصنيع من أجل تحول إفريقيا”، حيث تم التأكيد على أن المناطق الصناعية الخاصة التي تم إنشاؤها في طنجة جعلت المنطقة كلها تبرز كـ “قطب واعد للنمو” يستند بوصف خاص، إلى قطاعات التصنيع، والتجارة واللوجستيك.

وأشار التقرير إلى أن “المغرب حقق نجاحات في صناعة السيارات بفضل وجود منطقة اقتصادية خاصة قرب طنجة، مما خول له الاستفادة من مزايا مشتركة للبنية التحتية والولوج إلى الأسواق (الأوروبية) وجلب الاستثمارات الأجنبية خاصة ما يتعلق ب “اقتصادات التوطين”.‬

‫وفي هذا الإطار أوضح التقرير أن قطاع السيارات بطنجة انتعش باستثمار قدره 2.1 مليار دولار أنجزته رونو في موقع يمتد على 280 هكتار على بعد 30 كيلومترا من طنجة، مع الأشارة إلى الجودة الرفيعة للربط الطرقي والسككي بميناء هذه المدينة، ومنه إلى باقي المدن المغربية الأخرى.

و بهذا الشأن، يقول التقرير الأممي إن مصانع رونو بدأ تشغيلها سنة 2012 وأنه في نهاية 2015، كانت تلك المصانع تشغل فوق 9600 شخص بشكل مباشر، بتوظيف محلي وتم تكوينهم في معهد التكوين في مهن السيارات الذي أنشئ بدعم مشترك من رونو والحكومة، حسب التقرير. وذكر التقرير أن رونو تصدر بالأساس السيارات نحو أوروبا (وقريبا نحو أمريكا الجنوبية)، إلى جانب مبيعاتها في السوق المحلية التي حققت فيها حصة عالية، مع الإشارة إلى أن صناعة السيارات دعمت القدرة التصديرية للمغرب وأنشطة موانئه وأسفر عن إنشاء سلسلة من مشاريه إنتاج التجهيزات الموازية كالاكسسوارات الداخلية والخارجية، والكابلاتـ والمقاعد، والنظام الكهربائي، وأنظمة الأمن والتكييف وغيرها، حيث استقر بالمنطقة عشرات من الصناعات الدولية في المناولة، خاصة في المنطقة الحرة لمدينة السيارات بطنجة، إلى جانب إرساء شركة فورد في المنطقة لمصنعها للمكونات الذي يمد مصانع السيارات فورد في إسبانيا.

وأبرز التقرير ان ثمانين في المائة من مقاولات قطاع السيارات المغربية توجد في طنجة وتوظف حوالي 60 ألف عامل، مشيرا إلى أن مجموعة أصغر من مصانع السيارات تستقر في الدار البيضاء وتركز في إنتاجها على السوق المحلية.

وتشكل صناعة السيارات في طنجة جزءا من قطب صناعي أكبر يضم أربع مناطق حرة في طنجة أو قريبا منها، متمثلة في المنطقة الحرة لطنجة، ومنطقة ملوسة حيث يوجد مصنع رونو، ومدينة السيارات بطنجة، والمنطقة الحرة التجارية بالفنيدق. وهذه المناطق تمتد على حوالي 3000 هكتار مخصصة للتنمية الصناعية، منها 1200 هكتار مجهزة مسبقا.

وهناك منطقتان صناعيتان أخريان في تطوان، مخصصتان للصناعة الخفيفة وتضمان المقاولات الصغرى والمتوسطة والأنشطة خارج التراب وتشكل هذه المناطق منظومة للتنمية الصناعية ضمن شعاع يمتد ل 80 كلم من ميناء طنجة المتوسطي. ولكنها بحاجة إلى الدعم لتحقيق إقلاعي صناعي واقتصادي حقيقي يساهم في تنمية هذه المدينة والجوار ويمكن من تحسين ظروف التشغيل بعاصمة الشمال، تطوان. 

كما تحتضن ضواحي طنجة العديد من الحظائر الصناعية، مما يجعلها قطبا واعدا للنمو تنشطه الصناعة والتجارة واللوجستيك، حسب الوثيقة التي أوضحت أن البنيات التحتية للنقل واللوجستيك تشمل ميناء طنجة المتوسط، الذي يتوفر على محطتين نهائيتين لنقل السيارات و على ربط سككي مع الرباط والدار البيضاء ومراكش في الجنوب، ومكناس وفاس ووجدة في شرق المغرب.
‬

‫ومعلوم أن طنجة ستشهد في السنوات القادمة، ميلاد مدينة صناعية مغربية صينية، هي الوحيدة بالمغرب التي ستحمل اسم الملك محمد السادس. وسوف تمكن هذه المدينة التي تم التوقيع على اتفاقية مغربية صينية بشأنها في مارس الماضي، بطنجة من استقرار فوق مائتي شركة صينية بها، وتوفر مناصب شغل للآلاف من اليد العاملة الوطنية‬
‫وستتميز مدينة محمد السادس تيك الصناعية بإقامة صناعات دقيقة وصناعة حديثة للخدمات والسيارات والطيران والإعلام الاليكتروني والنسيج والآليات وغيرها، وسوف يصل استثمارات الشركات الصينية خلال عشر سنوات، ما ينتهز عشرة ملايير دولار.‬

• ‫وستشرف على إنجاز هذا المشروع الضخم، جهة طنجة تطوان الحسيمة والشركة الصينية ‘هايتي” ومجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية.‬

يذكر أن المغرب صنف من جديد كبلد ينصح فيه الاستثمار وفقا لتقرير ‪The Next Frontier‬’’ الذي نشره معهد البحث التابع لبنك”كريدي سويس” والذي يخص الأسواق التي تتيح فرصا استثمارية كبيرة. وقد صنف المغرب كأفضل سوق من العشرة أسواق عالمية الأولى التي وقع عليها التركيز حيث تم التأكيد على أن الناتج الإجمالي للمغرب بلغ اكثر من 108 مليار دولار سنة 2016 بمعدل نمو متوسط قدره 4 بالمائة.

ومعلوم أن العديد من الشركات العالمية من مختلف الجنسيات عبرت عن رغبتها في الاستثمار بالمغرب ومنها تلك التي سعت إلى ربط موانئها بميناء طنجة المتوسط، ، بسبب الفرص العديدة و والمتنوعة التي توفرها مناطق طنجة الصناعية والامتيازات التي يعرضها قانون الاستثمار المغربي وأيضا وبالدرجة الأولى بفضل الاستقرار الذي ينعم به المغرب حيث إن المنتدى الاقتصادي العالمي اعتبر المغرب من البلدان الأكثر أمنا للسفر والاستثمار، متقدما على العديد من البلدان المتقدمة في العالم.

كما أن مجلة “‪US News‬ & ‪World Report‬ الأمريكية صنفت المغرب ضمن أفضل بلدان العالم الخمسين متقدما على بلدان المغرب الكبير والعديد من بلدان العالم من التي تتوفر على جاذبية سياحية واقتصادية مشهود لها بها.

‫وللتذكير فإن تصنيف أفضل بلدان العالم لسنة 2017 جاء نتيجة استطلاع دولي أجري على عينة من 21 ألف شخص من 36 بلدا من جميع أنحاء العالم ويعتمد هذا التصنيف على عدة معايير تقييمية بينها البيئة البشرية والطبيعية وحقوق الانسان والحريات والتأثير الثقافي وريادة الأعمال والبنيات التحتية والإطار القانوني والتراث الثقافي وجودة الحياة وأيضا التأثير السياسي والاقتصادي.‬.