البحرُ قاعدةُ طنجة الخلفية من أجل تَحقيق أهداف التّنمية
جريدة طنجة – عزيز كنوني (ميناء طنجة المتوسط 2 )
الثلاثاء 05 أبريل 2016 – 17:07:18
ولا غـَـرو أن تعتني الشُعـوب التي مَـرّت أو استَقرت بهذه المدينة بـواجهة طنجة البحـريــة، فتبني الجسور والمَــوانئ والمـَرافق وتهيئ أرضية حركة البيع والشراء، والإيــراد والتصدير، والتعامل الدولي الذي كان سببا في ازدهار طنجة على مر العصور كباب للملاحة التّجـاريــة مع المغرب ككل، مفتوحة على العالم.
و يـرجـع بنــاء ميناء حديث بطنجة إلى القرن السابع عشر، على يد الإنجليز الذين بنوا حاجزا مائيا بطول حوالي 225 مترا خلال احتلالاهم للمدينة سنة 1684 تلا دلك بناء رصيف خشبي في بداية القرن العشرين ليتحول إلى ميناء صغير لاستقبال البواخر والمراكب الشراعية .
وفي سنة 1921 تأسست بمرسوم ملكي شركة ميناء طنجة لينطلق ميناء المدينة بتجهيزات عصرية وأرصفة واسعة لاستقبال المسافرين . إلى ان تُقَــرّر، في إطــار المخطط الملكي لطنجة الكبرى، تحويل هذا الميناء، بعد تأهيله وإعادة هيكلته إلى ميناء سياحي ترفيهي ، حيث إنه استقبل العديد من البواخر الكبرى للرحلات السياحية، ومنها “نورفيجين إبيك” و “كوسطا ميديتيرانيين” وهما من كبريات البواخر السياحية في العالم، التي حملت إلى طنجة فوق 34 ألف سائح ، منذ بداية السنة الجارية.
وسيُوفر مشروع إعادة تـوظيف المنطقة المينائية لطنجة المدينة، الجاري حاليــًا إنجازه، بنية تحتية من الطِـراز العالي ستخصص لاستقبال السُفُن الكبيرة للرحلات البحرية السياحية تتكون من ثلاثة أرصفة وذلك في أفق استقبال 300 ألف سائح عبر الرحلات البحرية السياحية سنة 2016 و750 ألف سائح في أفق سنة 2020. ويهدف المشروع إلى تمكين مدينة طنجة من التموقع كوجهة بارزة لسياحة الرحلات البحرية ، والترفيه على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط، ،وكذا توفير أنشطة وفرص عمل جديدة وضمان اندماج جيد للميناء في محيط المدينة .
بالمُقابل، تمّ بنــاء ” ميناء طنجة المتوسط ” ، بتوجيه من جلالة الملك حيث أصبح رائدا في منطقة البحر الأبيض المتوسط وفي إفؤيقيا بفضل النجاح الذي حققه كمركب مينائي عملاق إذ مكن من كسر الاحتكار الذي كانت تتمتع به بعض موانئ حوض الأبيض المتوسط في مجال النقل الملاحي. وحصل على جوائز هامة في هذا المجال.
ميناء طنجة المتوسط 2
بعد أن حقق ميناء طنجة المتوسط 1 جل أهدافه في ما يخص نقل الركاب والملاحة التجارية، والمركب الصناعي بمناطقه الصناعية واللوجيستية التي تغطي فوق 1200 هكتار، حيث أصبح يشكل قطبا اقتصاديا بالغ الأهمية انتقل العمل إلى تحقيق الشطر الثالث المتمثل في ميناء طنجة المتوسط 2 الذي انتهت الأشغال في بنائه السنة الماضية.
وفي هذا الإطار، أقدمت “الوكالة الخاصة طنجة المتوسط” ، مؤخرا، على إبرام اتفاق مع مجموعة “آي بي إم تيرمنالز ” يقضي باستثمار هذه المجموعة لما مجموعه 758 مليون أورو ( 8,5 مليار درهم) لتهيئة وتجهيز ارصفة تخزين الصناديق الحديدية وتوفير أجهزة التشغيل و الأجهزة الخاصة على مستوى رصيف جديد بميناء طنجة المتوسط 2.
وبمقتضى هذه الاتفاقية التي وقعها كل من السيدين فؤاد البريني، رئيس مجلس الرقابة للوكالة الخاصة طنجة المتوسط، وكيم فافير ممثل هذه المجموعة، سيشرع في تشغيل هذا الرصيف بداية من سنة 2019 وتصل مدة حق الاستغلال إلى 30 سنة وبحجم نشاط سنوي لمعالجة الصناديق الحديدية يصل الى 4,2 مليون صندوق من فئة عشرين قدما.
وسيمتد الرصيف على طول 1600 متر وسيغطي مساحة 76 هكتارا لتخزين الصناديق الحديدية. ويتضمن العقد بندا يتيح توسعة الرصيف على طول 400 متر إضافية و حجم اضافي لمعالجة الصناديق الحديدية بقدرة استيعابية تبلغ مليون حاوية تعادل عشرين قدما .
وبعد استكمال التوسعة ، سيغطي الرصيف رقم 4 نحو 94 هكتارا وسيمتد على طول 2000 متر ،على أن يبلغ الغلاف المالي المخصص للاستثمار اجمالا 900 مليون أورو وحجم النشاط السنوي 5,2 مليون صندوق حديدي. وسيخصص هذا الرصيف للشركة الملاحية “مايرسك لاين ” التي تنتمي اليها مجموعة “آي بي إم تيرمنالز “.
ويتم حاليا إنجاز ميناء طنجة المتوسط 2 بغلاف استثماري يقدر بنحو 13 مليار درهم ، ويضم 4600 متر من الحواجز و 2800 متر مخصصة للأرصفة .
ومعلوم أن أشغال الشطر الأول من مشروع طنجة المتوسط قد انتهت خلال سنة 2015 ، وشملت انجاز البنيات التحتية المكونة من الحواجز و 1200 متر من الأرصفة وكذا عمليات الجرف لتعميق حوض الميناء. ومن المتوقع ان تنطلق اشغال الشطر الثاني في غضون السنة الجارية لانجاز بقية المشروع بما في ذلك الأرصفة الجديدة.
ومن جهة أخرى ، يشمل العقد المبرم مع شركة “مارسا ماروك” تخصيص الرصيف رقم 3 لانشطة الشركة والذي يمتد على طول 800 متر ويغطي 32 هكتارا من المساحة المخصصة لمعالجة الحاويات، وبلغت تكلفة تجهيز الرصيف 260 مليون أورو ،فيما يبلغ الحجم السنوي لأنشطة معالجة الصناديق الحديدية 3,1 مليون صندوق حديدي ،وهو ما يلبي حاجيات مختلف الشركات الوطنية والدولية .
يذكران التطور الذي يعرفه ميناء طنجة المتوسط يساهم في تعزيز موقع المغرب على حوض مضيق جبل طارق، ويساهم في مضاعفة امكانات المركب المينائي في معالجة الصناديق الحديدية لتبلغ سقف 9 مليون حاوية ،وهو ما يمكن المغرب من تبوأ موقع خاص في التصنيف العالمي ضمن أحسن عشرين ميناء على الصعيد الدولي …