لأنها معركة طويلة ضد عقليات مجتمع !…..
جريدة طنجة – سُميّة أمغار
الأربعاء 18 مارس 2015 – 09:40:45
و بيْنَمــا تجمع التقارير الوطنية والأجنبية على تنامي العنف ضد النساء بالمغرب ، فـي البيت والأسرة وفي أماكن العمل وفي الشارع وفي بعض وسائل الإعلام وفي العقليات الظلامية الرجعية التي “لا ترى في الوجود شيئا جميلا” قد يأتي من جهة الأنثى، .
”تكرم” ذكر “مراكشي” على زوجته ــ ونساء العالم يحتفلن باليوم العالمي للمرأة، ياحسرة”ــ .ا بأن “خسر” وجنتيها بضربتين من شفرة حلاقــة ، أحدثتـا جرْحـًا عَميقًــا في خَدي الشابة ذات العشرين ربيعا استدعت رتق الجرح على خدها الأيمن ثلاثين غرزة، بينما تطلب جرح الخد الأيسر عملية جراحية نظرا لعمقه وخطورته، دامت خمس ساعات تقريبا!!!….
لماذا كل هذا العنف وكل تلك الوحشية، والزوج الذي يشتغل على السكاكين بالمجازر البلدية بمدينة سبعة رجال، يعلم أنه في بلد منظم، به إدارة وأمن وعدالة ومحاكم وقوانين وسجون…. أعتقد أنها العقلية الذكورية التي “تبيح” “تأديب” الزوجة كلما خرجت عن طاعة الزوج أوعلى إرادته ورغباته ، من باب “واضربوهن !”……
والضرب أنواع، منه ما يكون باليد المجردة، بالكف المبسوطة أو المعقودة، وأيضا باليد المسلحة ب “جنوي” أو بسكين أو بسيف أو حتى بشفرتي حلاقة،… وهو أضعف الإيمان عند بعض الرهط.ا…وكان حظ الصغيرة المراكشية “صفعتين” بكف تخفي شفرتي حلاقة فتكت بوجه الزوجة وشوهت ملامحه إلى الأبد……
والقصة كما رَوتْهـــا لبُعْد المَنابر الإعلامية ، أنها كانت موضوع تهديد مستمر من طرف زوجها الذي “هجرها” وهي في شهر حملها الرابع، ليتزوج غيرها دون موافقتها ــ ما يؤكد أنه يمكن التحايل على مضامين “المدونة” وعلى قضاء الأسرة وعلى المصالح الإدارية المكلفة بإعداد شهادة العزوبية للراغبين في الزواج…… “مثنى وثلاث ورباع” إلى جانب الجواري السراري اللائي يدخلن في باب “ما ملكت أيمانكم”…. معنى ذلك أن “المدونة” التي يطالب جل نساء المغرب بتعديلها وتصحيحها على ضوء التجارب المستخلصة من تطبيقها على امتداد عشر سنوات اتضح أنها لم تقو على منع التعدد و زواج الفاتحة أو الزواج العرفي، وزواج القاصر، ولم تنصف النساء في استخلاص حقوقهن على الوجه الأكمل، بعد منطوق “أنت طالق !!!” ……
ضحية العنف الأسري التي أضيفت إلى اللائحة الطويلة للنساء المعنفات، “المشرملات” على يد أزواجهن بالمغرب “الأسلامي” الذي كان يجب أن يكرم المرأة التي كرمها الله بأن خاطبها في أمور الدين والدنيا على قدم المساواة مع الرجل والتي جعل منها الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم “شقائق الرجال” وأوصى بهن في حجة الوداع، وهو يعلم أنه مفارق عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام……أم أن المغرب “إسلامي” بديباجة الدستور لا بالإيمان العميق والتقيد الصادق والملتزم بأخلاق الإسلام الفاضلة التي جعلت من أمة المسلمين “خير أمة أخرجت للناس”. (!)………. فهل هي اليوم كذلك ؟…….
ضحية العنف الأسري “المغربي” الجديدة، سجلت دعوى النفقة ضد بعلها الذي هجرها و رضيعتها في بيت والديها فــاستجابت المحكمة لمطلبها وحكمت على الزوج “المفرط” بالنفقة…ولكنه امتنع، وعوض “التفاوض” مع “زوجته” بالتي هي أحسن، عمد إلى تهديدها التهديد العنيف المستمر، وصل حد التهديد بالقتل إن هي لم تتراجع عن دعوى النفقة، الأمر الذي دفع بالضحية إلى التقدم بشكاية إلى المصالح الأمنية التي أجرت مقابلة بينهما أمام النيابة العامة التزم خلالها الزوج “المشرمل” بعدم التعرض لزوجته أو معاودة تهديدها.
و مساء يوم عمل مُضْنِ بالنسبة للزوجة “المشرملة” وهي تتأهب لشراء بعض مواد التغذية لطفلتها ذات الثمانية عشر شهرا، بين باب دكالة وحارة الصورة، حيث منزل والديها الذي تقيم به، فـاجـأهــا الـزّوْج الهـائـج من الخلف، وعمد إلى جرها إلى قارعة الطريق العام وهو يكيل لها الشتائم وكلمات التهديد، ليصفعها بعنف ما جعل الدم يفور من وجنتها لتسقط أرضا مغمى عليها… ولم تعد تتذكر أي شيء قبل أن تجد نفسها تحمل ضمادات سميكة على وجهها الذي شوهه حقد وحنق زوج لم يجد حلا لمواجهة الحكم بالنفقة ودعوى الطلاق للشقاق ، و الأمر الصــادر بـــالاعتقال في حقه بسبب امتناعه عن التنفيذ، سوى “تخسير” وجه زوجته و”تخسير” مستقبلها وربما مستقبل الطفلة التي كانت ثمرة زواج لم يعمل على الحفاظ عن سلامته ونجاحه واستمراره بمسؤولية الرجال الجديرين بذكوريتهم.
لاحاجة إلى القول إن رجال الأمن قاموا بالواجب في هذه النازلة الكارثية التي تبين مدى عمق “عدوانية” بعض الأزواج ضد زوجاتهم، والأمثلة في هذا الباب كثيرة، “من طنجة إلى لكويرة”. المهم أن الجاني تم توقيفه ووضعه تحت الحراسة النظرية وقد يكون قد وقع تقديمه.
جرائم العنف ضد الزوجات من طرف أزواجهن أصبحت قضية رأي عام بعد أن صارت، لتناميها المثير، موضوعا حقوقيا بامتياز، حيث يتم، غالبا، اعتبار العنف الأسري “جرائم ضرب وجرح” يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي بنفس العقوبة سواء أكانت جريمة الضرب والجرح ضد الزوجة أو المرأة بوصف عام، أو ضد رجل يملك قوة المقاومة وفرص النجاة بجلده!…
وبرأي المنظمات الحقوقية، يجب الإسراع بسن قانون العنف ضد النساء يحيل المعتدين على غرف الجنايات بمحاكم الاستئناف بدل المحاكم الابتدائية ويحدد عقوبات أشد من تلك التي تنطق بها محاكم الدرجة الأولى في قضايا الضرب والجرح، وفق القانون الجنائي المغربي.
إلا أنه، وكما يبدو، ووفق تصريحات أخيرة للوزيرة الحقاوي، فإن مشروع قانون مناهضة العنف ضد النساء، الذي تمت صياغته “وفق مقاربة تشاركية على مستوى المنظمات المعنية والوزارات المختصة“، عاد أدراج رياح “الخلفيات” التي تتحكم في أهواء مكونات الحكومة ما بين مناصر للمرأة دون أدنى تحفظ ،ومنتصر لــ “التقاليد” و”الثقافة” المغربية الراغبين في السير على درب “التدرج” في مثل هذه المواضيع التي يختلط فيها السياسي بالديني بالحقوقي، وبين “المتحصنين” في “خندق” “تفضيل جنس الرجال على جنس النساء ” بقوامة “القفا” و”القفة” وهي أمور قابلة للنقاش وللتأويل. ويطول فيها النظر والجدل !!!..
إن تنامي ظاهرة العنف “الدموي” ضد الأنثى، زوجة أو رفيقة عمل أو دراسة أو عابرة سبيل، أصبح يستلزم الإسراع بإخراج قانون مناهضة العنف ضد المرأة ، الذي يجب أن تتسم مضامينه بالجرأة الأدبية في التصور والصياغة وأن يستجيب لالتزامات المغرب الدولية في ما يخص حقوق الانسان ، في الشطر الذي يخص حماية المرأة ضد كل أشكال العنف المادي والمعنوي وضد المفاهيم والأفكار المتجاوزة بحكم “التقادم”!!!…….
لا شك أنكم ترون معي أن المعركة بين ” الخير والشر” في ما يخص إنصاف” المرأة المغربية ، معركة طويلة، لأنها معركة ضد التخلف الذي لم يتغلب عليه مجتمعنا بعد، ونحن في بداية الألفية الثالثة….
إنها معركة ضد عقليات مجتمع
مع الأسف!….