“حق الوالدين في الشريعة الإسلامية” مقارنة مع عيد الأم في الأمم الأخرى
جريدة طنجة – أم دلال
الثلاثاء 17 مارس 2015 – 10:49:22
إن حق الوالدين و منزلتهما عالية في الدين، فبرهما قارنه الله سبحانه و تعالى بحقه و شكرهما مقرون بشكر الله عز و جل – و الإحسان إليهما أحبها إلى الله ثم إن بر الوالدين مما أقرته الفطر السوية، و اتفقت عليه الشرائع السماوية.
كما أنه دليل على صدق الإيمان، و اعتراف بالجميل و حفظ للفضل، و بر الوالدين نعمة من الله عز و جل يمن بها على من يشاء من عباده، فهما سبب في وجوده في هذه الدنيا، لقد تعبا من أجله و وفرا له الحب و الحنان، فمهما فعل الإنسان معهما فلن يستطيع أن يوفيهما حقهما.
بر الوالدين عند الأمم الأخرى يسمى “عيد الأم” فهو يوم واحد في السنة ، حيث يقدم الأولاد إلى أمهاتهم الورد و الهدايا معبرين لهم عن الحب و المودة، أما إذا كبروا فتم إيداعهم بدور العجزة بحجة حمايتهم و رعايتهم في أيادي آمنة.
أما حق الوالدين في الشريعة الإسلامية، لقد أعطاهم الإسلام الرعاية الكاملة و الترحم و الطاعة، و الإحسان إليهما، إلى الممات و المحافظة على سمعتهما، رغبة بما عند الله من أجر و جزيل الثواب.
و هناك نصوص كثيرة من الكتاب و السنة في برهما و بيان سوء عاقبة العقوق، ففي حديث ابن مسعود قال: قلت يا رسول الله ﷺ أي العمل أفضل؟ قال : “الصلاة على وقتها” قلت: ثم أي؟ قال: “بر الوالدين” قلت: ثم أي؟ قال: “الجهاد في سبيل الله” متفق عليه.و عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله عليه الصلاة و السلام يقول: “رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه. قيل من يا رسول الله؟ قال: “من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة” رواه مسلم و عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ صلى الله عليه و سلم يقول: “الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فضع ذلك الباب أو احفظه ” رواه الترميذي، أوسط أبواب الجنة أي: خير أبوابه . أن جهيمة جاء إلى رسول اله صلى الله عليه و سلم فقال: أردت الغزو و جئت أستشيرك؟ فقال هل لك من أم؟ قال: نعم، فقال:” فالزمها فإن الجنة عند رجليها” رواه أحمد.
و مما ينبغي الالتفات إليه تقديم بر الأم على بر الأب، ففي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه – قال :”جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله من أولى الناس بحسن صحبتي؟ قال أمك ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال ثم من؟ قال: أبوك” أخرجه الشيخان.
حيث أ ن دعوة الوالد على الولد مستجابة لما جاء في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ صلى الله عليه و سلم: “ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده و دعوة المسافر و دعوة المظلوم” رواه أحمد و صححه القرطبي في التفسير، و يدل على ذلك قصة جريج العابد الذي دعت عليه أمه لما ترك إجابة ندائها أن يريه الله وجوه المومسات.
و عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله ﷺ صلى الله عليه و سلم يقول: “الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فضع ذلك الباب أو احفظه ” رواه الترميذي. و عن جبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “لا يدخل الجنة قاطع رحم”(متفق عليه) و الوالدين أقرب الأرحام، و عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا أتى النبي ﷺ صلى الله عليه و سلم فقال: يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة؟ فقال: هل لك من أم؟ قال: لا قال: فهل لك من خالة؟ قال : نعم، قال فبرها. رواه الترميذي، “الخالة بمنزلة الأم”. و هذا زين العابدين – رضي الله عنه و كان من سادات التابعين، كان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك و لا نراك تؤاكل أمك، فقال: “أخاف أن تسير يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها.
و عن ابن عون المزني أن أمه نادته؟ فأجابها؟ فعلا صوته صوتها فأعتق رقبتي. و قيل لعمر بن ذر: كيف كان بر ابنك بك؟ قال ما مشيت نهارا قط إلا مشى خلفي، و لا ليلا إللا مشى أمامي، و لا رقى سطحا و أنا تحته.
إن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر و هو قرين للشرك قال عليه الصلاة و السلام: “ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، و الديوث، والرّجلة” الديوث: الذي يقر على أهله الزنا و الرجلة: المتشبهة بالرجال رواه النسائي و البزاز بإسناد جيدين.
و الأحاديث في هذا السياق كثيرة، و منها قال النبي (ﷺ): “الكبائر : الإشراك بالله، و عقوق الوالدين وقتل النفس، و اليمين الغموس” رواه البخاري،و في حديث آخر “ألا و قول الزور و شهادة الزور”.
أن العاق تعجل له العقوبة في الدنيا، عن أنس قال: قال رسول الله (ﷺ): “بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي و العقوق”رواه الحاكم.
عن جابر، أن رجلا قال: يا رسول الله ﷺ ، إن لي مالا و ولدا، و إن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال:” أنت و مالك لأبيك” رواه ابن ماجة. و قال الأصمعي: حدثني رجل من الأعراب قال: كنت أطوف بالأحياء، حتى انتهيت إلى شيخ في عنقه حبل يستقي بدلو لا تطيقه الإبل، في الهاجرة و الحر الشديد، و خلفه شاب في يده رشاء – حبل-من قدّا السوط) ملوي يضر به ، و قد شق ظهره بذلك الحبل. فقلت: أما تتقي الله في هذا الشيخ الضعيف؟ أما يكفيه ما هو فيه من مد هذا الحبل حتى تضربه؟ قال: إنه مع هذا أبي، قلت: فلا جزاك الله خيرا، قال: اسكت فهذا كان هو يصنع بأبيه، و كذا كان أبوه يصنع بجده، فقلت: هذا أعق الناس.
كذلك أيضا يبقى من الطاعة بعد موت الوالدين ما ذكره النبي ﷺ عليه الصلاة و السلام حن سئل: هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال ( ﷺ ):”نعم الصلاة عليهما” يعني الدعاء لهما ثم “الاستغفار لهما” ثم “إنفاذ عهدهما” يعني إنفاذ وصيتهما، ثم إكرام صديقهما” ثم صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما” العم، الخال ، الخ.