الحكومة قررت ألا تمس بالقدرة الشرائية للمواطنين إلا عند الضرورة وبالقدر الذي يمكن تتحمله
جريدة طنجة – ع.كنوني
الإثنين 02 مارس 2015 – 10:27:40
مَصادر إعلامية مُتعدّدة تَناولت، في اليومين الأخيرين قضية رَفْــع الدّعـْم عن “البُوطا” والدَقيق والسُكر والزَيت، مُستندة في ذلك إلى “مصدر رفيع” مقرب من رئيس الحكومة، حيث ذكرت “أخبار اليوم” في عدد الأربعاء الماضي أن الحكومة توشك على الانتهاء من دراسة شاملة تحدد خارطة طريق لكيفية استفادة ثمانية ملايين مغربي من فارق الثمن الحقيقي للبوطا من فئة 12 كيلو وهو 140 درهما والثمن المدعم في السوق الذي لا يتعدى 40 درهما .
نفس المصدر أكد أنه توجد على طاولة رئيس الحكومة ثلاثة “سيناريوهات” لرفع الدعم عما تبقى من مواد صندوق المقاصة، الزيت والسكر والدقيق والبوطا، قبل نهاية السنة الجارية، مع مراعاة الوضع الاجتماعي للبلاد والتوازنات الاقتصادية وطنيا وعالميا.
وتوسعت وسائل الإعلام في معالجة هذا الموضوع بأن أشارت إلى أن حكومة بنكيران نجحت في تقليص فاتورة صندوق المقاصة إلى 2700 مليار سنتيم هذه السنة، بينما كانت قيمة هذه الفاتورة في حدود 5700 مليار سنتين سنة 2012، أي في بداية حكومة الائتلاف البنكيرانية الأولى. كما أن مخططات الحكومة في هذا الشأن مكنت من سداد 1600 مليار سنتيم من ديون شركات الغاز على الحكومات السابقة، في حين لا يزالت في “ذمة” صندوق المثاصة حوالي 200 مليار سنتيم للمهنيين في غاز البوطان.
أما ما يتعلق بالدقيق، فقد أكد نفس المصدر أن الحكومة تدعم الجماعات الفقيرة بنحو 5،8 ملايين قنطار بـ 100 درهم للكيس من صنف 50 كيلوغراما حيث يروج كيس الدقيق بهذا الحجم، بسعر ما بين 120 و 150 درهما. ومعلوم أن المغرب يتوفر اليوم على مخزون من القمح يغطي ثمانية أشهر من احتياجات البلاد.
أما السكر، فإن الفارق بين ما ينتج المغرب وما يستهلكه (مليون و200 ألف طن)، كبير جدا إذ لا يتعدى 30 بالمائة الأمر الذي يكلف خزينة المغرب ما يفوق40 مليار سنتيم سنويا. ولذا بدأ تفكير الحكومة يسير في رفع دعم 2.85 درهم للكيلو من القالب والمقرط والسنيدة.
وأمام ردود الفعل الغاضبة التي واجهت حديث الصحف عن توجه الحكومة إلى رفع الدعم عن البوطا ومواد اساسية أخرى، خرج رئيس الحكومة ببيان طمأن فيه المغاربة إلى الأمر لا يعدو إشاعة “مغرضة” في الوقت الراهن، وأن أي ‘جراء في هذا الصدد لن يتخذ قبل وجود طريقة لدعم حاجيات المواطنين المعوزين.
ابن كيران، الذي كان يتحدث خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، قال إن هذه الأخبار”خرجت من جهات مقربة لرئاسة الحكومة أو الهيئات التي تشتغل معها “، مستغربا نقلها إلى وسائل الإعلام بهذه الحِدّة، مُؤكّـدًا أن الحكومة قـرّرت أن لا تمس بالقُدرة الشرائية للمواطنين إلا عند الضرور وبالقدر الذي يمكن تحمله، على حد قوله.
من جهة أخرى، أكد بنكيران أن المواد الأساسية التي ما تزال تحظى بدعم صندوق المقاصة كالزيت والسكر والدقيق وغاز البوتان، الذي تدعم الدولة ثمن قنيناته بما يناهز الثلثين لن يمكن رفع الدعم عنها إلا حين تستطيع الحكومة تعويض جميع المواطنين الدين يستفيدون من دعم الدولة لخصوص تلك المواد، معتبرا أنه ليس من المعقول حرمان المغاربة من مصدر ثمين للطاقة ـ في إشارة لغاز البوتان.
والملاحظ أن رئيس الحكومة لم ينف بصورة قطعية، إمكانية رفع الدعم عن “البوطا” ومواد استهلاك أساسية أخرى، بل اكتفى بالقول إنه لم يتم بعد اتخاذ قرار في ا هذا الشأن ما يفيد أن النية متجهة إلى تخليص صندوق المقاصة من آخر تدخلاته ما يتعلق بالزيت والسكر والدقيق وغاز البوتان، بعد الإعلان عن الرفع الكلي لدعم الحروقات.
ومما حمل غالبية المواطنين على الاعتقاد في إمكانية رفع الدعم عن المواد المذكورة، خروج أخبار إلى العلن بشأن تدارس الحكومة لهذا الشأن في مجلس حكومي. ولكن بنكيران برر ذل بكون المعلومات المتوافرة لديه تفيد بأن المواطن المغربي لا يستفيد من دعم البوتاغاز إلا بنسبة 40 بالمائة في ما جهات أخرى تستفيد من 60 بالمائة الباقية وهي جهات لا تحتاج لهذا الدعم، برأي رئيس الحكومة الذي قد يكلف، السنة المقبلة نحو 18 مليار درهم، بينما لا تتعدى ميزانية الصحة العمومية 12 مليار درهم.
إن المغاربة واعون بضرورة إصلاح صندوق المقاصة ليقوم بالدور الموكول إليه منذ إنشائه وهو الاستجابة للحاجيات الأساسية للطبقات المعوزة من أجل حياة كريمة ومجتمع متكافل متضامن. ولكن على الحكومة أن تجد وسائل سياستها الإصلاحية لفائدة الشعب ولضمان التوازنات المالية والاقتصادية الضرورية لاستقامة الوضع بالبلاد.