“مغْريبُونا واطانونا”
عندما شرعنا، أيّـام سَنوات الصِّبا، في سَبْر أغْوار و مَتاهات “عالم” وُجِدْنا فيه رُغْما عنا و دون سابق استشارة، كانت أمانينا بسيطة، و مطالبنا متواضعةً، لا يؤازرها “دفاع” و لا تسندها هيئة “نقابية”، و كانت “ملفاتنا المطلبية” مؤجلة على الدوام، و لا يَنْظر فيها “قضاءُ الوالدين” إلا على سبيل الاستئناس و في مواعيد ثابتة التواريخ، مواعيدُ ترتبط ارتباطا “عضويا” بيومين شهيرين في السنة، العيد الكبير و شقيقه الصغير.
هذا العام أطلت علينا “السنة الجديدة” بجسم ثلاثي الرؤوس، رأس “الميلادية” ليتلوه رأس “الهجرية” قبل أن يُختم مهرجان السنين برأس “الأمازيغية”.
“نصارى البلاد” حظوا بدعم أمني محترم لضمان انتقال سلس إلى السنة الموالية وهم يرتلون الأناشيد و يترحمون على “المسيح”، الذي “ما قتلوه و ماصلبوه و لكن شُبِّه لهم”.
“مسلمو البلد” اتفقوا على احتفال يضُمُّ بين “فعالياته” ثيرانا ضخمة سِيقت إلى ضَريـح “أبـي عـرَّاقيـة” قبل أن تُذبـح و تسلـخ بمعـرفــة “المجــزرة”، فكـان احتفالاً لاحمًـا غنيًـا بالبروتين ، أما “الريفيون”، من أبناء مازغ، فقد أعلنوا قدوم سَنَتِهم بمهرجان احتفالي، خلا من اللحم و الشحم و امتلأ بنباتات الأرض من زرع و شعير،و بالحليب و مستخلصاته و جرى تزيين موائده بإيباون و “ثيغواوين” فكان احتفالا نباتيا خاليا من الكوليسترول و الدهون المشبعة.
و هكذا “دخلنا”، أو دخل علينا عامٌ يُعْتَبرُ “جديدا”، بحسب معتقدات “النصارى” و مَنْ تَبِعَهُم، و بناء على عادات إخوانهم “المسلمين” و حسابات أشقائهم “الريفيين”.
من مُضْحِكات العام “الجديد” لهذه السنة أن الأمور ” تطـوَّرت” بشكلٍ “مُتشعِّـبٍ و شَعْبَــويٍّ“، و انتـقلَ المَغـاربةُ من الخَوضِ في تفاصيل الحفلات و جماليتها و أصباغها المتلونة بألوان “التعدد الثقافي” إلى الخوض في “سياسة” الاحتفال، و هكذا انبرى فجأةً “المُخَلْوِض ـ المُخَضْرَم” الذي يعني اسمه “فبراير” بلغة المشارقة، و اتجه رأساً صوْبَ “أجْدير” للاحتفال بين أحضان الأمازيغ بـ”رأس سنتهم”، صاحبنا هذا الذي قيلَ إنه ينتمي لفئة الدرَّاجين” طـار مُرفرفاً في أجواء “السَّياسَة”، و هو في كامل “زينته الأمازيغية”، ليُمـارس صلاحياته “الشرعية” و أصدر شيئا، ما هو بقرار و لا بقانون، و أمر تابعيه بإعلان “أسوغّاس أمايْنو” عيداً رسميا للأمازيغ و “نُظرائِهم” العُرْب، تحت طائلة التهديد بالإضراب”العمومي”.
في الأيام القليلة الماضية، سمعت من أحد المُقربين حديثا يشرح القلب و يبعث على السرور و التفاؤل، فقد نعت هذا القريب حُكومةَ البلد، في “جلسة احتفالية”، بأنها ديموقراطية، و أثْنى على مرتكزاتها “العضوية” الموغلة في الدمَقْرَطَة، و تفسيرا لهذا الثناء و دواعيه، أضاف هذا السياسي “البالغ” قائلا : إن أبْهى صُور هذه الحكومة أنها تضم بين أعضائها “حصيصاً” لائقا و محجوزا بالضرورة لذوي “الاحتياجات الخاصة“.
الحقيقة أن الحكومة لم تنفرد بهذه الصورة “التضامنية” مع ذوي الحاجات الخاصة، فــالبرلمان الوطني يبدو و قد نال حظه الوافر من مبادئ “التضامن” و إلا لما ضم تحت قُبَّتِه نائباً في “مكانة” من خَلَفَ صاحب “مغْريبُونا واطانونا”.