الطفولة المغتصبة: أحلامها فقط كسرة خبز وقطرة ماء وكلمة عطف..
الصورة الماثلة أمامكم هي لأطفال، وقعت “أيامهم” ذات ليلة برد قارس “عقد” صداقة بينهم، زادته “البطانية” دفءا واتحادا، لمواجهة “سموم” حالات الطقس، غير المعتدلة، وساعات الليل غيرالمطمئنة.أما مشاهدة رسوم متحركة على شاشة التلفاز، أوالاستمتاع بمشاهدة مباريات في كرة القدم ، والحلم بأن يصبحوا -يوما- نجوما رياضية، على شاكلة “ميسي” و”رونالدو”…مثل سائرالأطفال الصغار الحالمين الذين يعيشون حياتهم الطبيعية، فهذا أمريمكن اعتباره من سابع المستحيلات، لأن طفولتهم “المغتصبة”، أفسدت عليهم جميع الرغبات والأحلام، بل يكفيهم تسول كسرة خبزوقطرة ماء والتقاط كلمة عطف، فتلك -والله- في نظرهم هي أم الأحلام، بعد أن تخلى عنهم الآباء والأمهات، وتنكرلهم المجتمع، مواجها إياهم بآذانه الصماء، وهم في عز الآلام، يملؤون كل مناطق المدينة والأنحاء.
لكن، وأمام هذه المشاهد اليومية، لابد من الإشارة إلى بعض الالتفاتات الإنسانية الرائعة، تلك الصادرة، صباحا باكرا، من بعض المارة الذين يتوقفون عند مكان مبيت هؤلاء المشردين الصغار، للتأمل في أجسادهم وتفقد أحوالهم، سواء بإجراء دردشات معهم، أو بمنحهم قطعا نقدية، أو بمدهم ب:”بطانية” إضافية، رأفة بهم ووقاية لهم من لسعات برد قاسية، حيث شوهدت، ضمن المارة، امرأة لم تستطع التحكم في دموعها السائلة، لهول ما رأت عيناها، وكأني بها تقول:” ألهذه الدرجة، ماتت القلوب.؟ “

والجميل في الأمر، وهذا غير مستبعد، أن هؤلاء المارة هم مجرد متعاطفين، نابوا وينوبون، دون شعور منهم، عن بعض مكونات المجتمع المدني والسلطات المحلية وبعض مراكز و مُؤسسات ودور الرعاية الاجتماعية التي كان أولى بها أن “تحتوي” هذه الظاهرة المنتشرة والمثيرة، بشكل ملحوظ، فليس مقبولا نهجها سياسة “الانتقائية” بين احتضان قاصر متشرد، عن طريق وساطة ونفوذ، وترك قاصر متشرد آخر، يأكله “دود”.
محمد إمغران