قرية “الحمومي” تعيش في عزلة بعيداً عن عيون “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”..
جريدة طنجة – محمد سدحي (.الحمومي.)
الإثنين 26 أكتوبر 2015 – 16:27:33
وعلى بعد 6 كيلومترات، تزيد أو تنقص قليلاً، من قرية ملوسة (النموذجية) التي تحتضن أكبر المصانع وأضخم المشاريع، مشاريع الخير والنماء كما تصر على ذلك التلفزة الرسمية…
وعلى مقربة من جبل “أكنوان” المطل على قنطرة “واد أليان” بمسافة تزيد عن 4 كيلومترات، نصفها وطاء ونصفها الآخر عقبة وعرة وسراط غير مستقيم…
هناك، في قِمة عالية، تظهر منها قرى فدان شابو وبني مجمل وسيدي قنقوش، تقع قرية الحمومي في عزلة تامة عن العالمين: الحضري والقروي…
•الطريق إلى هذه القرية غير سالكة:
السُؤال المَطرُوح بــاستغراب تــام :
– لماذا لم يتوقف قطار التنمية البشرية في محطة هذه القرية؟وهي قرية تظم حوالي 200 منزل، ومدرسة تستقبل 152 تلميذة وتلميذ، ونساء حوامل ومرضعات، وعجزة، وأمهات وآباء، يشتغلون في معمل “التركية” (الذٌرَة) أو يتعيشون من بيع منتوجات فلاحية بسيطة في الأسواق الأسبوعية للمناطق المجاورة أو يشغلون وقتهم بأي نشاط فلاحي صغير…
ومن أجل الاقتراب أكثر من مشاكل الساكنة الناتجة عن العزلة التي فرضت عليهم فرضاً، قمنا بجولة استطلاعية على نطاق واسع، ثم اختلينا، في عرصة جانبية، ببعض السكان الذين تحدثوا إلينا بحرقة، فيما فضل البعض الصمت، و اكتفى البعض الآخر بالدعاء الصالح لم يبلغ المسؤولين، بعد التحية والسلام، معاناتهم مع انعدام المواصلات بسبب غياب كلي لطريق معبدة أو على الأقل طريق سالكة بالنسبة للسيارات أو حتى الدواب في فترة التساقطات المطرية…
•بأصواتهم:
وفي سياق حديثنا مع فئة خاصة جداً من السكان المشتكين، قالت السيدة ر. السوسي: “سوف لن تنمحي من الذاكرة تلك الليلة المطرة السوداء، إذ اشتد ألم الولادة على تلك الأستاذة المسكينة ولا من مغيث.. فسيارة الإسعاف التابعة لمركز ملوسة لم تتمكن الوصول بسبب الطريق المقطوعة جراء الوحل والمسيلات. ففي الفترة التي تعرف هطول أمطار الخير يستحيل التنقل حتى باستعمال الدواب… ونبقى- بعيد عنك- في عزلة حتى ينقطع المطر وتنقشع الأجواء وييبس الطين… بقيت الأستاذة تتدور من ألم المخاض حتى فكها الله بمساعدة القابلة وثلة من نساء الجيران، وكتب لها عمراً جديداً…”
ومن جانبه، استرجع السيد م. شابو حادث غرق رجل وامرأة من سكان القرية في يوم أليم:”لم يتمكن أحد من إنقاذهما نظراً لاستحالة نقلهما إلى المستشفى، لا باستخدام التراكتور ولا على ظهر الدواب. وماإن كاد بعض الرجال المتطوعين من الوصول بالغريقين إلى المركز محمولين على الأكتاف حتى لفظا أنفاسهما أمامحسرة الجميع، رحمهما الله…”
وذكر السيد ع. اللغميش بحادث أليم هو الآخر، حتى وإن كان قديماً بعض الشيء فإن آثاره المحزنة لا زالت تخيم على أجواء القرية، ذلك أن سيدة لفظت أنفاسها أثناء الوضع، ويسجل غياب الإنقاذ دائماً…
أما السيد أ. الزيدي، فعاد ليؤكد على أن عزلة سكان القرية تشتد أكثر في فصل الشتاء، بحيث يصبح التسوق من السوق الأسبوعي “اثنين ملوسة” أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً، ثم أن الطريق المنحدرة المؤدية إلى الواجهة البحرية واد أليان عبر قرية أكنوان هي الأخرى تصبح مقطوعة في وجه العابرين بسبب الأوحال والانزلاقات، فهي طريق جبلية وعرة جداً…
وتستمر التّدخُلات والنّداءات والمُناشَدات، وكُلّهــا تَصُب في ضرورة فك العزلة عن السكان وذلك بتعبيد الطريق على غرار ما تم في باقي قرى عمالة الفحص أنجرة، وتحديداً الطريق الرابط بين قرية الحمومي ومركز ملوسة أو عين حمراء عبر ضريح سيدي علي بن حرازم..
إن زائر قرية الحمومي، التي حباها الله موقعاً طبيعياً تحسد عليه، يستغرب كيف أن منطقة بهذا الجمال، لا هي في عمق الأطلس ولا هي في قمة من قمم جبال الريف، لم يصلها شيء من طنجة الكبرى… وهذا كل ما يتمناه الناس البسطاء في هذه البقعة من الشمال المهمش، أن ينعموا بطريق تربطهم بسبل الحياة وتفتح أمامهم إمكانية الذهاب والإياب بدون صعوبات ولا مشاق… فقط.