للأقصى سلام
جريدة طنجة – عبد المجيد الإدريسي (.أقلام.)
السبت 26 شتنبر 2015 – 13:04:37
فتجحض عيناه و تشلُّ بؤبؤتهما ، و يتعتع لسانه و تضطرب طبلتا أذنيه، وهو يرى بقوميته العربية و عقيدته الدينية ، الجبلة الإنسانية تنتهك حرماتها على أرض الأنبياء ، إبراهيم و موسى و عيسى و محمد عليهم صلوات الله و سلامه . حتى باحات الأقصى الشريف لم تسلم من دنس اليهود الذين يدعون تحريمها بزعمهم قدس الأقداس . وهم يعرفون أنَّ أي محاولة لتدنيس القدس و الأقصى خط أحمر . ولن يسمح بذلك الفلسطينيون و العرب إلا بنيل الشهادة . بذور دعوة التدنيس من عمل حزب البيت اليهودي و أغلبية أعضاء الكنيست الذين يؤيدون و يشجعون على اقتحام الأقصى . الخنازير طائفة لا تحترم قدسية المسجد و لا الكنيسة و لا الدير و لا حتى الكنيس . هي مسؤولية عربية ، يجب وضع قضية الأقصى على أولويات طاولة المجتمع الدولي ، لتنفيذ قرارات مجلس الأمن و الجمعية العامة ذات الصلة . و للقيادات الفلسطينية أيضا مسؤولية وحدة الأقصى لكي يكون هناك مسعى من أجل الوحدة تتحقق في القدس بين جميع الفصائل . ثمَّ ينبغي على الأردن التي لها وصاية على الأقصي الشريف أن تعيد النظر في استراتجيتها الدبلوماسية على مستوى سفارتها في تل أبيب .
جرائم بشعة بحرق الصبيان تقشعرُّ لها الأبدان ، و قتل الإنسان بتواطئ و تغطية من الحكومة الصهيونية . و لم يكن ذلك ليحدث لولا الصمت الدولي . بل الدول الذين أدانوا الحرق ، أشادوا ” بنتانياهو” عند إنشائيته الماكرة . وهل يمكن أخذ هذه التصريحات التي شجب بها جريمة الحرق على محمل الجدّ ؟ِ يا لها من سخرية القدر …طبعا ما هو إلا نفاق سياسي. يكاد لا يتوقف مسلسل التهجير منذ سنة 1948للميلاد من أجل الاستيطان و التهويد ، وهي جريمة أيضا ليست منفصلة عن الجرائم التي ينص عليها الفصل الرابع من معاهدة جنيف . ثمَّ تقديم كل ملفات هذه الجرائم التي اقترفتها الأيادي الصهيونية إلى محكمة الجنايات الدولية .
هذه مسؤولية و أمانة تقع على عاتق السلطة الفلسطينية ، تحاسب عليها يوم القيامة . أين مشروع الضغط على إسرائيل بتعزيز مقاطعتها اقتصاديا ؟ لا محيد عن استراتيجية المقاومة بقيادة موحدة لتأسيس لجان حماية شعبية لحماية الساكنة العربية ، إذ لولا الانقسام الفلسطيني لما استباحت إسرائيل دم بني يعرُب . حينئذ تطبيق لجنة الحريات بإسقاط سياسة الاعتقالات من القيادة . و التنصل من الاتفاقيات مع إسرائيل التي نقضتها و لم تحترم عهودها كما هو الشأن من عدم الوفاء بالعقود للجبلة اليهودية الخيْبرية .
أما و قد يدخل القارئ من أيِّها يشاء . و طبول الحرب مزمنة في البلاد العربية ، وهي متعددة المصالح الأجنبية الأنتلوجية و الإديلوجية و العقدية و المذهبية و منهم من ينتسبون إلى العروبة ، فتحوّل كل أيقوناتها إلى “خونة” ؟ يبدو أنَّ المجتمع الدولي قرأ الخريطة العربية الشرق-الأوسطية بشكل معكوس أو مغلوط مما أدى إلى ثورات مضادة ؟ أو انقلابات عسكرية ؟ . فكان القضاء على دولة العراق العربية بتحالف غربي جائر ، اعتمد على أغرب فرية في العصر الحديث ، عنونها الرئيس الأمريكي “بوش-الإبن” ، بأسلحة الدمار الشامل . هي بداية تردي الأوضاع في العالم العربي للدولة العميقة ، تمخضت عنها ثورات عربية (تونس-17/12/2010) ، تتوأمت معها ثورة أرض الكنانة بتاريخ (25/01/2011) ، تبعتها ثورة ليبية يوم (17/02/2011) ثم سوريا بتاريخ(25/03/2011) ثم بعد ذلك الثورة اليمنية ، و الانقلاب عليها الذي أدى بمجلس الأمن إصدار قرار 2216بإلزام الحوثيين و صالح بمغادرة المناطق التي احتلوها و تسليم الأسلحة التي استولوا عليها .
فأصبح الربيع العربي بعد الانقلاب العسكري في مصر جملة غير مفيدة. و كلُّ ذلك يصبُّ في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية ، وهي الحقيقة التي تلتقيان عليها الدولتان الكبيرتان مع غالبية الدول العربية إذ تنطلي عليها عقدة السامية . و قد نجحت جبلة الصهاينة في القضاء على الترسانة العسكرية العربية و إبادة الشعب العربي في العراق و ليبيا و سوريا و اليمن ، أما مصر فقد مالت إلى إسرائيل للمحافظة على قوتها “أرْماضا” العسكرية ، برضى من الغرب .
فاستمرأت في غيها بتحويل فوهات بنادقها نحو الإخوة الشرعيين . حتى لما استخفَّ الغرب الأقوام العربية بزعمه حقن دماء الشعب السوري ، استعملت روسيا و الصين حق “الفيتو” النقض في مجلس الأمن كي لا تتوقف جرائم الأسد . الكلمة الكاذبة يعتبرها سياسيو الشرق و الغرب شيْئا عاديا و هي تحتلُّ مكانا متميزا في الخطاب السياسي لإعطائه الشكل المناسب للأحداث . وهي أقرب ما تكون إلى جمل إنشائية ليس إلاَّ . أصبحت البلاد العربية أرضا مستباحة للحروب بالوكالة ، و شعوبها فئران للتجارب المعملية المختبرية للأسلحة الفتاكة . لذا و على إثر الاتفاقية (5+1) النووية الإيرانية- الغربية سوف تستلم إسرائيل هدية من أمريكا ، من حجم قنبلة صاروخية مستقبلية تزن 30ألف طن ، لتخترق الجبال “العربية-الإيرانية” كتعويض عن الاتفاقية مع هذه الأخيرة . فكلُّ جولات المفاوضات ما هي إلا تحصيل حاصل . أصبحت خريطة الدول العربية مرَّة كعكة تنقضُّ عليها إيران وروسيا لتأخذ منها الحصة الكبرى و تترك لها الفتات . و مرَّة قصعة يجتمع عليها الذباب في عالم من منطق المساومات و التصريحات الفاشلة للدول الخمسة المهيمنة في مجلس الأمن . فكيف للأقصى أن يتحرر و العرب سجناء الفكر ، ومن أصحاب البغاء السياسي و الغباء الدبلوماسي .
لقــول إمام الأنبياء محمدًا ﷺ في المسجد الأقصى : سيكون في آخر الزمان خسف و قذف و مسخ . و يا رب ، اخسف في العشر من ذي الحجة الأرض ببني قريضة و بني قينقاع و بني النضير و يهود بني خيبر، فهم لا يعجزونك …إنك على كلِّ شيء قدير …
يا قدس يا مدينة الصلاة أصلي ، عيوننا إليك ترحل كل يوم
و ستغسل يا نهر الأردن وجهي بمياه قدسية
و ستمحو يا نهر الأردن آثار القدم الهمجية ….
(الأخوان الرحباني).
و للأقصى سلام سلام سلام….