شواطىء طنجة: دراجات نارية وكرة القدم تقلق راحة المصطافين
جريدة طنجة – م.إمغران (.قلق المصطافين.)
الثلاثــاء 04 غشت 2015 – 11:00:21
بيتُ القَصيد، أَّنــها كــانت راضيةً بهـَذهِ الأمــاكن، لمـا تـُوَفّــره من نَظـافـةٍ وحــراسةٍ أمنيــةٍ وتنظيم جَيّــد، ممّـا يسمحُ لهــا بقَضــاءِ مــا تيسّر من أوقاتٍ ممتعةٍ، قُبـالــة ميــاه البحر، وفـــوق رمـالـه الــذّهبية والنّقية التي تُغري بــالاستلقاء والتمدّد على حبّــاتهـا المُلتَهبة لعـِـلاج بعْض أمراض الجلْد وتسخين العِظــام.
ولما يـُوفّــره ـ كذلك ـ حسن تنظيـم الاصْطِيــاف آنذاك من قبْل الجهــات المسؤولـــة، حيث كــان الاحْتِـرام السّمة البـــارزة بين أفراد الأسر، وهم يتقاسمون مساحات الرّمـــال، جنْبــًا إلى جنب، وكــأنَّ قـرابــة عائلية تجمعهم، وتؤلّف بين قلوبهم، دون أن ينغّص على راحتهم عائق ما أو مشكلٌ معيّن، يسلبهم طمأنينتهم أو متعتهم الصيفية. وبمعنى آخر، كانت شواطىء العهد القريب لمدينة طنجة فرصة لتعارف الآباء والأمّهات فيما بينهم، وانفتاح الأطفال عل بعضهم البعض، مشكلين مجموعات، هنا وهناك، تلعب وتمرحُ في وئام لافت.
كلّ هذه الأمـور لم يَعُد لَهـا حُضور قَــويّ في الزَمن الحـَاضر، بل أصْبَحت مُجـَـرّد ذكْريـات مسجّلة في مخيال غالبية الطنجويين، لتحل محلّها فوضى عارمة، فلا حراسة مفروضة على الشواطىء ولا مراقبة تضمن السير العادي للاصطياف، الأمر الذي ينتج عنه نوعٌ من التسيّب، على مستوى تلطيخ رمال الشواطىء بالقاذورات والأزبال ومضايقة المصطافين بلعب كرة القدم، هذه الظاهرة المشينة التي تنزل بكلِّ ثقلها اليوم على قلوب الناس الراغبين في أخذ حمّام الشمس. والأغرب أن يمارسها “أطفال كبار” تتراوح أعمارهم بين 25 و40 سنة مع ما يتفّوهون به من ألفاظ نابية، مشكلين خطراً أو نقمة على المصطافين بسبب قذفهم كرة من النّوع الصّلب في وجوههم أو بسبب اندفاعهم المتهور، الأمر الذي يتسبّب في إسقاط وشقلبة أطفال، وحدها العناية الربانية تنقذهم من خطر حقيقي.
والأغربُ ـ كذلك ـ أن تنتشر بين المصطافين دراجـات نـاريـــة، ذات الأربع عجلات، والجميع يعرف مدى قوّتها وسرعتها، يسوقها «مراهقون كبار» بسرعة جُنـونيـة، وكـأنّهُـم يخـوضـون سبـاقــًا في الصّحراء، حيث نجا، مؤخراً، طفل ـ بـأعجـوبـةِ ـ من وُقــوع حــادث له، كانت وراءه إحدى هذه الدراجات النّارية «المتوحشة» وعندما قصد والد الطّفل الضحية مصلحة الشرطة لتقديم شكــاية شفاهية في الموضوع، وللتحسيس بظاهرة الدراجات النـّـارية التي وجدت لها مرْتَعــًا وسط المصطافين ومدى خطورتها عليهم، عومل بجفاء وبقسوة وكأنه “مجرم” حسب تصريحه لجريدة طنجة.
بقيت الإشارة إلى أن رياضة كرة القدم رياضة مفيدة وممتعة، لكن مكانها مخصص في الملاعب الاحترافية وملاعب الأحياء. ونفس الأمر ينطبق على الدراجات النارية، ذات الأربع عجلات، ذلك أن امتطاءها يشعر راكبيها ومستعمليها بنشوة الترفيه عن النفس، وبمتعة “الطيران” إن صح القول، لكن مكانها ـ هي الأخرى ـ مخصص في الغابات والخلاء… وحلبات السباق ـ غير أنه ـ في ظل عدم تنظيم الشواطىء من طرف الجهات المختصة ـ يبقى من الطبيعي أن تسود مظاهر الفوضى العارمة في الشواطىء، فتختلط الكرة والدراجات النارية والقــاذورات بالمصطافين الذين يوجهون “صرخاتهم” إلى الجهات المسؤولة كي تعمل على توفير سبل الراحة والاستجمام لهم والأطفالهم، وتعيد لهم شواطىء “الزّمن الجميل” لطنجة الهادئة والسّاحرة، ذات عهد قريب.