هل فعلا يتوقف الزمن في مكان معين وفي تاريخ معين؟ سؤال حَيّر العديد من الناس، إذ لم يستطيعوا فك طلاسم مثل هذه الأحداث، كما أنهم احتاروا في أمر هذه الوقائع التي حدثت في مواقع شتى من العالم وفي عصور متفاوتة الزمن، إذ يعتبرها البعض ضرباً من الخُرافة وسَرديات تقليدية من نسجِ الخيال وبعيدة كل البعد عن الواقع، الأمر الذي يترتب معه عدم الإيمان بها إطلاقاً.
وبالرجوع إلى التاريخ وإلى القصص السابقة، تطالعنا مجموعة من الأحداث الشبيهة بما يدل دلالة قطعية على أن توقف الزمن بأمكنة وأزمنة معينة، حقيقة لا نقاش فيها، كما تطالعنا بذلك قصص الكتب السماوية. وعليه فاختفاء مدينة “بومبي” الايطالية كشاهد حي على هذا الحدث المُروِّع. ومدينة “بومبي” الإيطالية كانت من المدن التي عرفت نهضة تنموية اقتصادية واجتماعية يضرب بها المثل، في القرن السابع قبل الميلاد وحتى السنة التاسعة والسبعين للميلاد، وهو تاريخ اختفائها من الأرض، كانت مزينة مزدهرة، إذ صنفت آنداك كقُطب مالي واقتصادي، وسياحي حيوي على مستوى دولة إيطاليا وإلى غير ذلك من المرافق التي تعرفها الحضارة الحديثة.
إن بركان “فيزوف” الواقع بجوار مدينة بومبي كان من بين أسباب تنمية وازدهار المدينة، وسببا في توقف الزمن بالمدينة واختفائها من وجهِ البسيطة.
سنة 62 للميلاد، كان السكان يحيون ليلة عيد لهم وفجأة سمعوا صوت انفجار قوي هَزَّ أركان المدينة، ولم يعرفوا قط مصدره، على إثرها بدأت الأرض بالانزلاق وحدث زلزال عظيم جعل أعالي المدينة أسفلها وفي نفس الوقت تصاعد دخان كثيف من بركان فيزوف، وابتدأت الحِمَمُ بالتدفق، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تدفقت الحمم، والغبار على كل أحياء المدينة، الأمر الذي ترتب عنه موت كل سكان المدينة اختناقا أو حرقا بالنيران التي اشتعلت. اختفت مدينة بومبي عن آخرها، وكأنها لم تكُن مدينة مزدهرة من قبل، فأضحت عبارة عن خراب وكأنها لم تكن في الوجود من ذي قبل.
عجيب أمر اختفاء هذه المدينة، لكن بعض الباحثين أثبثوا أن هناك أموراً مُخلّة كانت تقع بالمدينة، ضاربة بذلك كل القيم والأخلاق، ما ترتب عنه إنزال عقوبة اِلاهية بها، كما هو الأمر بالنسبة لبعض الأقوام الذين عاشوا في الشرق.