قد لانتذكر صيفا سيمر مثل الصيف الحالي للعام 2021.. سيكون مؤثرا ومثيرا واستثنائيا بكل المقاييس.. صيف يأتي في سياق ظروف مثقلة بتداعيات جائحة كورونا التي فرضت نفسها بقوة للسنة الثانية على التوالي، ويبدو جليا أن هذا الفيروس البالغ الخطورة المتشبث بالبقاء عنوة والحريص على الاستمرار والتحدي والتمادي في الفتك وإزهاق أرواح البشر يخطط آناء الليل وأطراف النهار ليصبح أكبر معمر حول العالم وأكثر الفيروسات شراسة على الإطلاق، وقد تستمر تداعياته لسنوات..!؟ فيما بدأت الاستعدادات مبكرا لخوض معترك الانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية والمهنية مطلع شهر شتمبر القادم، والتي ستنظم لأول مرة وفق أجندة زمنية محددة ومتقاربة، كما هو معلوم، على خلاف ماكان العمل جاريا به في السنوات الماضية، وذلك بعد اعتماد القاسم الانتخابي.. وتعديل العتبة الانتخابية.. وإلغاء لائحة الشباب.. القراءة الأولية تفيد، بما لايدع مجالا للشك، بأن نشاط منتخبي الشعب في البرلمان بغرفتيه لايرقى إلى مستوى التقييم؟! هذا لمن يفكر في تقييم الأنشطة البرلمانية.. مع وجود استثناءات لا أنكرها شخصيا، لكنها غير قابلة لعملية تقييم، لكونها تشكل نسبة ضئيلة لاتسمح، كما أسلفت، بإخضاعها لتقييم شامل، ومع ذلك فأنا أقر بحصيلة إيجابية محدودة جدا من وراءها نواب عرفوا بجديتهم والتزامهم وحسن تواصلهم..
ما أعرفه لحد الآن، ومن الإخوة من يشاطرني الراي، هو، أولا: غياب النواب البرلمانيين عن الجلسات العامة.. ثانيا : غياب بعض أعضاء الحكومة عن الجلسات التي تقتضي دستوريا الحضور إذا لم تكن هناك موانع للإجابة عن الأسئلة الشفوية.. ثالثا: التوتر الذي يسود في معظم الأحيان أشغال الجلسات العامة، الأمر الذي يخل بسير هذه الجلسات أو رفعها لإخماد لغة الصخب والتراشق الكلامي المبتذل أحيانا وتصفية الأجواء التي تتحول إلى ما يشبه نوعا من الفوضى العارمة في درجة متقدمة غير قابلة للشرح والتحليل والتحمل تماما كتلك التي تشهدها بعض الأسواق الأسبوعية في البوادي النائية والمهمشة من المغرب العميق.. فيما يمكن اعتبار عشرات الأسئلة الموجهة إلى الحكومة بدون جواب إلى غاية اللحظة، وأقول لكم بصدق أنها ستمضي، بل انتهت بدون جواب بعد أن أسدل الستار على الولاية التشريعية الحالية..
نحن إذن على موعد جديد مع تاريخ تنظيم استحقاقات بكل ألوان الطيف بعد أقل من شهر وبضعة أيام وهو مؤشر ينبئ باقتراب الحصاد الانتخابي بما له وماعليه.. فيما يستعد المستشارون على اختلاف انتماءاتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم إلى شد الرحال على إيقاع عزف نشيد جماعي بلسان واحد يقول مطلعه – نادى الرحيل بالفراق.. بالمناسبة والمناسبة شرط على حد قول الفقهاء، فإن هذا النشيد يذكرنا بسنوات الطفولة التي قضينا جزءا منها داخل المخيمات الصيفية حتى ابتلينا بها ونعم الابتلاء.. كنا ونحن صغار نردد بعشق كبير وبحماس منقطع النظير في نهاية كل مرحلة تخييمية هذا النشيد الذي يعبر عن لحظة وداع مأسوف عنها وعيون الأطفال تفيض حزنا على فراق مؤلم..! هكذا إذن تقترب اللحظات العصيبة لمشهد يعز فيه على المتشبثين بالمقاعد البرلمانية لأسباب هم أعلم بها كيف السبيل إلى الصبر عن.. وعن.. وعن.. إلى ما لانهاية..! لكنه مشهد وإن كان وقعه على النفس قاسيا فهو غير مأسوف عنه لكون الصورة التي ظهر بها بعض النواب البرلمانيين في عملية الحل والترحال وكثرة الغياب عن الجلسات والإهمال الملحوظ لدوائرهم الانتخابية وعدم التزامهم بما تقتضيه المسؤولية البرلمانية من واجبات دستورية.. كلها سلوكات كشفت بالملموس عن الوجه الحقيقي لبعض نواب الأمة «ياحسرة»، بل من هؤلاء من تفرغ لأعماله الشخصية في استهتار تام للمسؤولية الأخلاقية والنيابية الملقاة على عاتقهم!؟ بعد أقل من شهر سنكون كما أسلفت على موعد مع التاريخ.. والتاريخ كما نعلم جميعا وقائع وأحداث وحصائل وزمن يمضي وياتي..
إدريس كردود