إنها أيام من أيام فصل الربيع الذي يحل ابتداء من 21 مارس من كل سنة.وبالمناسبة، فإن هذا الشهر يعني لي الكثير، حيث تلبس الدنيا ثيابها القشيبة، احتفالا بمهرجان الطبيعة الخلابة، تشارك فيه مختلف أجواق العصافير، بتنسيق مع فرق الفراشات وبعض الكائنات الحية الأخرى، لإنجاح هذا المحفل الطبيعي الأخاذ، الأمرالذي يجعلني أتفاعل كليا في ملكوت الله، متأملا في آيات خلقه، هو المبدع والمصور والحي الذي لايموت، إذ يحيي الطبيعة، بعد موتها، لننعم بجمالها وبهائها، بسحرأرضها وصفاء سمائها .. في الربيع أتذكر أجمل وأروع قصائد الشعراء الحقيقين، أيام المدرسة والتي لازلت أحفظها عن ظهر قلب…كما أعتبر الربيع دواء طبيعيا للقلوب والنفوس، المتيمة بعشق الورود والزهور والطيور..دواء يمكن الحصول عليه، دون مصاريف باهظة ودون الوقوف طويلا في طابور الانتظار.
ما أجملك، أيها الربيع، فقد كنت ـ دوما ـ عنوانا بارزا للذكريات السعيدة وللتأملات العميقة.لكننا اليوم حرمنا منك كرها، دون سابق إنذار، بل في لحظة وجدنا أنفسنا مذهولين أمام مايجري حول العالم: عزلة، إقصاء، حزن، وجل، ترقب، ثم انتظارما لايأتي…هذه الأجواء سممت معنويات غالبية عشاقك، أيها الربيع، بل وجعلتهم يرثونك رثاء الخنساء لشقيقها صخر، في انتظارقدومك إليهم من جديد وقد طهرت الأجواء ورفعت أشكال الظلم والقبح والقسوة والمكروالخداع حول العالم ..ليتك تعود قريبا، وقد كسرت القيود وحلت الطمأنينة والزهروالخاطروالحسن والجمال..يا ربيعا أودع الله فيك الدقة والكمال.
محمد إمغران