استقبلت فروع الفيدرالية المغربية للناشرين، بالشرق والصحراء، بحفاوة بالغة، تأسيس الفرع الجهوي لجهة طنجة تطوان الحسيمة، بقيادة مدير أسبوعيتي “طنجة” و “الشمال” الذي بدل جهدا كبيرا في التحضير لهذا الحدث الهام، وعبأ إمكانيات واسعة في سبيل إنجاحه، خاصة والشمال يعتبر مهد الصحافة الوطنية، ومنطقة إشعاع للإعلام الوطني لاعتبارات تاريخية وجغرافية وإنسانية ودبلوماسية.
هذه الميزات والمواصفات ذكر بها ، بإسهاب” الدكتور عبد الحق بخات في كلمة افتتاح الجمع العام التأسيسي الذي تم بحضور رئيس الفيدرالية وأعضاء من لجنتها التنفيذية، وعدد من الضيوف وممثي صحافة الجهة الذين فاق عددهم الستين.
في كلمته الافتتاحية، بعد التعبير عن سعادته باستقبال رئيس وأعضاء الفيدرالية، اعتبر الدكتور بخات أن حضور وفد هام من ناشري الصحف بالمغرب في هذا اللقاء بطنجة، إكرام لمدينة طنجة، “المثالية والاستثنائية” التي تستوعب العالم وتختزله، بما واكبت من أحداث عالمية، بدءا من منتصف القرن السابع عشر، إلى نهاية الحقبة الدولية التي ترتبط بالأطماع الاستعمارية منذ مؤتمرات برلين، منتصف القرن التاسع عشر، إلى استقلال المغرب، مرورا بالحقبة الدولية التي أقرتها اتفاقية باريس سنة 1923، بعد أن وجدت هذه المدينة في قلب الصراعات الاستعمارية للقوى العظمى انطلاقا من مؤتمرات برلين نهاية القرن التاسع عشر.
“ولم يكن الوضع الجغرافي لمدينة طنجة، على مرمى حجر من أوروبا، وعلى مضيق جبل طارق الذي كانت تسعى الدول العظمى لضمه إلى مناطق نفوذها بالبحر الأبيض المتوسط، غريبا عن السعي لتدويلها في مواجهة قرار السلطان، سنة 1856، بجعل طنجة عاصمة دبلوماسية للمغرب، حيث استقرت سفارات الدول العظمى بها وجعل السلطان نائبا عنه بالمدينة لمخاطبتهم.
“وكان طبيعيا أن يترتب عن وضعية طنجة، المدينة المتعددة الأعراق والأجناس والثقافات، واللغات، منذ انطلاق مراحل الاستعمار ، نهاية القرن الخامس عشر، بزوغ نهضة إعلامية متعددة اللغات، والتوجهات، ولكنها تصب كلها في تسهيل الاحتلال وتذويب رفض السكان للاستعمار.
”وغير خفي أن عهد الصحافة المغربية كانت انطلاقته من طنجة، سنة 1834 بصدور العدد الأول من جريدة “عين طنجة” تلتها صحف أخرى باللغات الإسبانية والفرنسية والإنجليزية والعربية ، منها جريدة “المغرب الأقصى” و“جريدة المغرب” و “السعادة” و “إظهار الحق” و “الاستقلال المغربي” و “الصباح” و “لسان المغرب” و “الحق” و “يقظة المغرب” و “الترقي” و “النظام” و “منبر الشعب“، و “الشعب“”
“ومعلوم أن جهة الشمال، شهدت، مبكرا، نهضة صحافية واسعة، خاصة تطوان، عاصمة المنطقة الخليفية، والعرائش، والريف، لقرب هذه المنطقة من أوروبا وتفاعلها مع الأحداث السياسية والعسكرية الكبرى التي شهدتها هذه القارة، حيث صدرت صحف عدة، بداية القرن العشرين، كان من بين أبرزها مجلة “السلام“، وجريدة “الحياة” وجريدة “الوحدة المغربية“، وجريدة “الحرية“، وجريدة “الريف” وجريدة “الأمة“ـ إضافة إلى المجلات الأدبية والثقافية.
واختتم كلمته بالإشارة إلى أن النهضة الإعلامية التي تشهدها جهة طنجة تطوان الحسيمة، إنما هي استمرار لشرارة الثورة الإعلامية التي أشعلها المعلمون الأوائل في مواجهتهم للغزو الثقافي الذي واكب الغزو الاستعماري للمغرب. وكان من أبرزهم أمير الريف محمد عبد الكريم الخطابي، والفقيه محمد داوود، وأل بنونة، وأل الخطيب، وأل التمسماني، والشيخ المكي الناصري، وعبد الخالق الطريس، وعبد الرحمن اليوسفي، وادريس الفلاح، ومحمد مصطفي الدكالي، ومحمد المهدي الزايدي، والحاج المختار أحرضان، وعبد الله الحاج ناصر، وأحمد برناط، وغيرهم كثير، نرى واجبا علينا أن نمجد ذكراهم ونخلد أعمالهم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.