منذ انتشار فيروس كورونا المستجد إلى الآن، وجل القطاعات كانت ولازالت تعاني من التأثيرات السلبية للجائحة، سواء على المستوى الاقتصادي أو المعيشي، فعلى الرغم من الشكايات والدعوات والانتقادات الكثيرة التي طرحها المواطنون، نتيجة المعاناة التي يواجهونها، إلا أن آذان المسؤولين كانت ولازالت صماء، إذ لم يكف تطبيق وشن مجموعة من الاحترازات الوقائية ضد الفيروس، وبالتالي فرضت الحكومة اليوم قرارا جديدا يقضي بحظر التنقل الليلي خلال شهر رمضان ابتداء من الثامنة مساء إلى السادسة صباحا، ليكون بذلك صفعة لجميع القطاعات، خاصة ونحن على مشارف بلوغ الشهر الفضيل.
هذا القرار الذي بدا للجميع قرارا عشوائيا ولا يراعي ظروف المواطن الحالية واحتياجاته، خلف موجة غضب عارمة في البلاد، خصوصا وأن ساعات العمل والرواج بالنسبة لقطاع التجارة مثلا، خلال شهر رمضان، غالبا ما يكون بعد الساعة الرابعة مساء، وفي حالة تم العمل بالقرار الجديد فسيشتغلون ثلاث ساعات في اليوم فقط.
وعلى إثر هذا، نظم تجار سوق القرب بني مكادة وقفة احتجاجية مساء يوم الأربعاء، تعبيرا عن رفضهم لقرار الحكومة الأخير. هذا وقد رفعوا شعارات عديدة تندد بهذه القرارات، وعلى رأسها، “الإغلاق على الساعة الثامنة = الإفلاس التام” و “كورونا هلكتنا، الحكومة قهرتنا”. كما طالب المحتجون أيضا فتح باب الحوار والتواصل معهم أولا، قبل اتخاذ أي قرار من شأنه أن يتسبب لهم في أزمة اقتصادية كبرى وأكبر مما سبق.
وفي تصريح للتاجر (ع.ن) للجريدة، فإن التجار، وبعد أن كانوا يتطلعون إلى قرار منصف لهم تفاجؤوا بالقرار الصادم والأحادي الذي لم يكن منصفا لهم.
وأضاف المتحدث نفسه، “كيف يعقل أننا في الوقت الذي كنا نسجل فيه 5000 و6000 حالة بشكل يومي كنا نبقى لساعات متأخرة، واليوم عندما انخفض عدد الحالات سنغلق باكرا؟ على الأقل حينها كنا نعوض قليلا تلك الخسائر التي طالتنا في فترة الحجر الصحي والإغلاق الشامل.” كما أشار(ع.ن) إلى وجود بعض من زملائهم الذين اعتقلوا لعدم قدرتهم على أداء ما عليهم من قروض نتيجة الأزمة الاقتصادية التي يعيشونها. هذا وقد هدد آخرون بالانتحار في حالة ما لم يتم الاستجابة لمطالبهم.
وعلاقة بالموضوع، وفي تصريح لتاجر آخر أفاد به الجريدة، فإن قطاع التجارة قطاع يشتغل بشكل كبير خلال شهر رمضان، وفترة الصباح غالبا ما يمضيها التجار في الجلوس فقط، بينما العمل الحقيقي بالنسبة لهم يبدأ في الساعة الرابعة، ومساء بعد الإفطار، “وفي حالة أغلقنا في المساء كيف سنعيش وكيف سنعيل أسرنا؟”
في حين عبر التاجر عبد الله بدوره عن رفضه التام لهذا القرار، مشيرا إلى أن هذا الأخير سيزيد الطين بلة وسيتسبب في المهلكة لهذا القطاع، خاصة وأن جل المنتمين له، لديهم ديون وقروض لا يستطيعون تأديتها.
هذا في ما يخص قطاع التجارة، أما عن أرباب المقاهي والمطاعم، فقد عبروا عن رفضهم لهذا الإغلاق في البيان الذي أصدرته الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب يوم الأربعاء، محملين “الحكومة كامل المسؤولية في ما آل إليه وضع المهنيين المغاربة والأجراء وفي كل تدهور واحتقان اجتماعي قد تعرفه بلادنا مستقبلا”.
وللإشارة، فإن هذه الجمعية كانت قد دعت إلى خوض إضراب وطني، يوم أمس الجمعة، قبل أن تعلن عن تعليقه إلى وقت لاحق، بعد الاجتماعات العديدة التي عقدتها مع مجموعة من المسؤولين، وبعد أن فتح لهم باب الحوار.
معظم القطاعات تطالب اليوم بإعادة النظر في التوقيت الذي أعلنت عنه الحكومة يوم الأربعاء، خاصة وأنه خلال فترة الجائحة تضررت جميعها. إذ كان من الأجدر والأصح للحكومة أن تتخذ قرارا مراعيا أولا لوضعية الهشاشة الاقتصادية بالبلاد، وتبعاتها الاجتماعية والنفسية. لأنه إذا أردنا التحدث عن المعاناة التي يعيشها المواطنون مع هذا الفيروس، فسنجدها لا تعد ولا تحصى، في الوقت الذي كثرت الجدالات حول الغياب التام لعدم مشاركة المواطنين في أي من القرارات التي تتخذها الحكومة في حقهم.
وآخرا وليس أخيرا، لا بد لي من طرح بعض التساؤلات حول الإعلان الذي أعلنت عنه الحكومة خلال الأسبوع المنصرم، والذي يقضي بتمديد دعم كورونا لمختلف القطاعات إلى غاية 30 يونيو، فهل حقا سيستفيد الجميع من هذا الدعم، وهل سيكون هذا الدعم كافيا لأسر تتكون من 8 أو 10 أشخاص؟ هل سيكون كافيا لقطاع كان “يربح” في ما مضى أضعاف هذا الدعم؟ وهل سيمكن هذا الدعم التجار من أداء ما في ذمتهم من ديون وتجنيبهم دخول السجون؟ وهل سيشمل هذا الدعم جميع المطاعم والمقاهي، دون استثناء ودون أي شروط؟
هذا ما على حكومة العثماني التفكير فيه أولا، قبل اتخاذ قراراتها العشوائية هاته.
رميساء بن راشد