الشعب المغربي يدخل ثورة أخرى من “ثورات الملك والشعب“، الهادفة، هذه المرة، إلى تحقيق مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية ، حماية للفئات الفقيرة والمحتاجة، ضد مخاطر المرض والشيخوخة، إضافة إلى تقليص الفقر، وتحسين الأوضاع الحياتية للفئات المحتاجة، وذلك بإحداث منظومة التأمين الإجباري لفائدة طبقات التجار والصناع والفلاحين والصناع التقليديين وحرفيي قطاع النقل وأصحاب المهن الحرة، عبر تكفل الدولة بتغطية الاشتراكات حتى يتم دمج الفئات المحتاجة في مجموع المستفيدين من المساعدة الطبية ، والحماية الاجتماعية .
كما أن مخطط التغطية الاجتماعية سوف يشمل، إضافة إلى التأمين الإجباري عن المرض، تعميم التعويضات العائلية لفائدة ملايين الأطفال في سن التمدرس، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد وتعميم نظام الولوج إلى التعويض عن فقدان الشغل إضافة إلى التأمين عن المرض الذي سوف يغطي مختلف تكاليف التطبيب، وشراء الأدوية والاستشفاء والعلاج.
وكان جلالة الملك قد دعا في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للسنة التشريعية الخامسة، من الولاية التشريعية العاشرة،(9 أكتوبر 2020) إلى تعميم التغطية الاجتماعية ، حرصا من جلالته على، النهوض بالمجال الاجتماعي وتحسين ظروف عيش المواطنين، حيث أبرز، جلالته، أن تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، الذي ” يعتبر مشروعا وطنيا كبيرا وغير مسبوق” يرتكز، على أربعة مكونات أساسية:
ـــ تعميم التغطية الصحية الإجبارية، في أجل أقصاه نهاية 2022، لصالح 22 مليون مستفيد إضافي، من التأمين الأساسي على المرض، سواء ما يتعلق بمصاريف التطبيب والدواء، أو الاستشفاء والعلاج.
ــ تعميم التعويضات العائلية، لتشمل ما يقارب سبعة ملايين طفل في سن الدراسة، تستفيد منها ثلاثة ملايين أسرة.
ــ توسيع الانخراط في نظام التقاعد، لحوالي خمسة ملايين من المغاربة، الذين يمارسون عملا، ولا يستفيدون من معاش.
ــتعميم الاستفادة من التأمين على التعويض على فقدان الشغل، بالنسبة للمغاربة الذين يتوفرون على عمل قار
وخلال تقديمه، هذا الأسبوع، أمام لجنة القطاعات الخاصة بمجلس النواب، ورقة حول مشروع قانون الحماية الاجتماعية، أبرز وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون أن هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته51 مليار درهم سنويا، موجه، أساسا، لحماية الفئات الفقيرة والهشة والأسر ذات الدخل المحدود، ضد مخاطر الطفولة والمرض والشيخوخة، وفقدان الشغل، بحيث أن حوالي 22 مليونا من المهنيين، والفلاحين، والصناع التقليديين، وأصحاب المهن الحرة، سوف يستفيدون من خدمات التأمين الإجباري الأساسي على المرض ، كسائر أجراء القطاع الخاص حاليا. وأن الدولة ستتحمل تكاليف الاشتراكات بالنسبة لأحد عشر مليون منخرط في نظام المساعدة الطبية (راميد) برسم التغطية الاجتماعية التي تستهدف:
ـ التأمين الإجباري عن المرض
ـ تعميم التعويضات العائلية
ـ توسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد
ـ تعميم الولوج للتعويض عن فقدان الشغل.
ولهذه الغاية، يستهدف مشروع التغطية الاجتماعية، إدماج 800 ألف تاجر وصانع في هذا التأمين، وكذا مليون وستمائة ألف فلاح، و500 ألف صانع تقليدي، و 220 ألف شخص من حرفيي قطاع النقل، و80 ألف شخص من أصحاب المهن الحرة والمقننة على مراحل، خلال السنة الجارية، حتى يتسنى الدمج الكلي للفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية، المقدر عددها بـ 11 مليون مستفيد.
وأعلن بنشعبون أن مبلغ التكلفة المالية لهذا المشروع الهام، سيتوزع على تعميم التغطية بالتأمين الإجباري عن المرض ب 14 مليار درهم، وتعميم التعويضات العائلية بـ 20 مليار درهم، وتوسيع قاعدة المنخرطين في نظام التقاعد بـ 16 مليار درهم، وتعميم الولوج إلى التعويض عن فقدان الشغل بـمليار درهم.
وينص مشروع التغطية الاجتماعية على تعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023 و2024 لتشمل 7 ملايين طفل في سن التمدرس، وتوسيع الانخراط في أنظمة التقاعد سنة 2025 لفائدة 5 ملايين مغربي من السكان النشيطين الذين لا يستفيدون من حق التقاعد.
وينص المشروع أيضا على تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، ليشمل 22 مليون مستفيد إضافي من التأمين الأساسي على المرض الذي سيغطي تكاليف التطبيب واقتناء الأدوية والاستشفاء والعلاج.
ومعلوم أن مجلس النواب صادق، الاثنين الماضي، على مشروع قانون التغطية الاجتماعية الذي أجمع نواب الأمة على اعتبارا أنه يشكل حلقة شجاعة ضمن المبادرات الملكية، وثورة اجتماعية حقيقية سوف تمكن، في أفق 2025، من تقليص الفوارق المجتمعية والتصدي للفقر والهشاشة والإقصاء، وتحقيق الحماية الاجتماعية في مفهومها الشامل.
يبقى، فقط، سؤال التنزيل الأمثل لهذا القانون الذي أوصى به الملك، وهيأ له من الأسباب والآليات ما سوف يمكن من تحقيق أمل المغرب وأمل المغاربة في مجتمع حداثي، متكافل وعادل.
وهذا ما حرص الخطاب الملكي على توضيحه ولفت انتباه الحكومة إليه، حين ألمح إلى أن نجاح أي مشروع مهما كانت أهدافه، يبقى رهينا باعتماد مبادئ التدبير الجيد وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأوصى بأن يكون انخراط المؤسسات العمومية في تحقيق هذا المشروع والمشاريع المماثلة، مثاليا وأن تكون هذه المؤسسات “رافعة للتنمية وليس عائقا لها“.
وأشار الملك، في هذا السياق إلى أن خطة التأسيس لعقد اجتماعي جديد، يقتضي تغييرا حقيقيا في العقليات، وفي مستوى أداء المؤسسات والمقاولات العمومية داعيا الحكومة إلى مراجعة عميقة لمعايير ومساطر التعيين في المناصب العليا، على قاعدة الكفاء ، نظرا للأهمية الاستراتيجية لهذه المؤسسات في تحقيق مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، داعيا إلى القيام بمراجعة جوهرية ومتوازنة لهذا القطاع.
فهل استوعبت الحكومة أهمية ورمزية وغاية التنبيه الملكي بخصوص وضع الآليات الضرورية وتوفير الشروط المناسبة لنجاح مشروع التغطية الاجتماعية الذي يرقى بالمغرب إلى مصاف الدول الأولى في هذا المجال، عبر العالم ؟ ! ….
عزيز كنوني