وماذا كان لنا أن ننتظر منهم؟ أن تكون لهم “الكبدة“على المال العام؟. حاشى لله !….. إنهم كما نعرفهم من هواة “الزردة” و “الكعكة” وكلما صادف أن يتعلق الأمر بالامتيازات و الاستفادات و“الزيادات” (في الأجور والتعويضات طبعا) إلا وضربوها “بمسكنة” مثيرة للشفقة
وتصوروا أن يوجدوا ذات يوم أمام “كنز” من المليارات، أربعة منها من خزائن الشعب، ومن “عرق الشعب“، ويدعون لوليمة أهلها في “دار غفلون” أو يتغافلون، حين يغضون الطرف عمن “يمدون يدهم” إلى ما هو لهم، وإلى ما هو ليس لهم، بل للشعب الذي “نوى فيهم الخير” وانتخبهم، ليس فقط من أجل المشاركة في “مسرحيات” الاثنين من كل أسبوع، تلك التي ضاق الشعب بها درعا، لتفاهة مستواها وضعف مشاهدها، شكلا ومضمونا، إلا النادر منها، بل لأجل محاربة الفساد والريع…أو لم يكن هذا الأمر جوهر حملاتهم الانتخابية وبرامجهم الانتخابية و “الطعم” الذي سهل عليهم “اصطياد” أصواتنا، نحن المغفلين ، وها هم يسقطون في فخ الفساد والريع ويطالبون بتقاسم 13 مليار سنتيم من أموال صندق “التقاعد” الذي، أصلا، لا حق لهم فيه، خاصة وحوالي 4 ملاييرمنها تسلمها الصندوق، دعما من المال العام، وهو أيضا ما لا حق لهم فيه ولم يكن ممكنا لولا “السيبة” التي تصرف بها خزائن “الدباخشة
وهكذا اجتمع مستشارونا الأفذاذ، وقرروا بإجماع الإجماع، أولا، الاحتفاظ بمبالغ الدعم العام، ثانيا، تقاسم “الحصيصة” بالعدل، فيما بينهم، والإحسان بالنسبة لمن سبقوهم “ريعا“…. حلالا طيبا “للطيبين“،
وهكذا كان…. ولم تتحرك “غيرة” أحدهم على المال العام، والبلد، يمرّ بمرحلة قاسية تضغط ، بقوة خارقة، على مدخراته وإمكاناته المالية، وتتطلب منه موارد استثنائية، لمواجهة الجائحة الضاربة، بل إن جل “المتكلمين، وخاصة الناطقين باسم فرق الأحزاب المكونة للمجلس، أغلبية ومعارضة، “تهافتوا” على “الوزيعة” “توافقوا” على “الغنيمة ” ولسان حالهم يقول: نحن الأولى بالمغانم والأحق بها !
حدث هذا وخارج بناية البرلمان، تعالت أصواتٌ من الشعب، منددة بتقاعد البرلمانيين أصلا، وباستفادتهم من المال العام حال تصفيتهم، تحت ضغط الشارع، لصندوق تقاعدهم، خاصة وأنهم لا يشتغلون “بيليكي” ….( حين يشتغلون !)، بالرغم من أن مهامهم النيابية مهام “تطوعية ،اختاروها بمحض إرادتهم، لأغراضهم الخاصة، أو خدمة لأحزابهم السياسية، ولأنهم يستفيدون
من تعويضات شهرية مليونية، وامتيازات “عريضة“.
أما مجلس النواب، فقد كان حذرا حين قرر أن لا يجاري أعضاء الغرفة السفلى في تهافتهم على “كعكة” الـ 13 مليار، وقرر إعادة المشروع برمته إلى اللجنة الاقتصادية لأعادة صياغته وبلورته.
وقد لا تحدثُ في هذا المجلس أيضا “مفاجآت سارة” باستثناء موقف نائبي فيدرالية اليسار الديمقراطي الموحد، عمر بلافريج ومصطفى الشناوي، لأن لا أحد ممن أوصلناهم إلى قبة البرلمان، وأوصلونا إلى باب جهنم، يقوى على مقاومة إغراء الملايير، وقد راينا بعضهم يستسلم لإغراء حلويات القصر، والكؤوس “المتوجة” على اعتبار أنها “باروك” يجلب البركة و السعادة للبيت وربما “يفتح” أبواب البرلمان في وجوههم لولايات أخرى يزدادون بها غنى وثراء ونفوذا، فكيف بهم إذا وجدوا أنفسهم، يوما، أمام إغراء ملايين الدراهم “المذهبة“؟ !……
والغريب أن يحاول ممثل العدالة والتنمية بمجلس المستشارين “استعباطنا” حين يبرر الرمي بمجموع الـ 13 مليار وسط حلبة هذا المجلس بكون “مداخيل” بعض المستشارين “متواضعة” بل “وبسيطة“، الأمر الذي يستلزم اتخاذ “مقتضيات تراعي خصوصيات المستفيدين من المعاشات، والضرر الذي ستلحقه بهم عملية تصفية صندوق المعاشات” وكأنهم عمال بسطاء في مصنع سري للنسيج، وأنهم بحاجة إلى الرأفة بهم وبضعف أحوالهم. وليسوا “نوابا” قد الدنيا للأمة، “يراقبون” الحكومة و“يجرون ” الوزراء للمساءلة ويفتون في كل أمور الدولة !……
إذا كان ولابد للدولة أن تقوم بعملية “إحسان” فإنها لن تعدم من هم، أصلا، بحاجة إلى الإحسان، وهم بالملايين في كل ركن وزاوية من جغرافية هذا البلد السعيد، وكيف ما كانت الحال، فإنهم لا يستحقون الإحسان العمومي، لأنهم تخطوا، رسميا، عتبة الفقر، ما دام دخلهم اليومي يفوق 30 درهما بحساب وزيرة الأسرة السابقة، الحقاوي و 13 درهما فقط ، بحساب مندوب الإحصاء الحالي، الحليمي.
والله أعلم.
عزيز كنوني