لست أدري لم ربطتُ بين تصريح الوزيرة المصلي الأخير، بخصوص “غياب تسول الأطفال” زمن الجائحة، وبين تصريح الوزيرة السابقة، نسيمة الحقاوي، التي كانت تتولى نفس الحقيبة، والتي صرحت، ذات يوم، تحت قبة البرلمان، بأن من يبلغ دخله اليومي 20 درهما فقد غادر قبيلة فقراء المغرب!
ربما لكون الوزيرتين تنتميان لنفس الفكر المذهبي – “السياسي” ما يحتم وجود تقارب في التعامل مع نفس المواقع، أو المواقع المتقاربة، أووجود توافق في طريقة صوغ البيانات لتكون مثيرة، بل و“محركة“!
ماذا قالت الوزيرة المصلي مما أثار انتباه المواطنين بل ودهشتهم؟ قالت يا سادتنا االأفاضل، وكما ورد ذلك في الأعلام الوطني، إن مرحلة الحجر الصحي ساهمت في “غياب” ظاهرة تسول الأطفال” بالرباط وسلا وتمارة !
حدث ذلك خلال اجتماع اللجنة المركزية لتتبع تنفيذ خطة حماية الأطفال من الاستغلال في التسول التي انطلقت، على سبيل التجربة، في العاصمة الرباط ومدينتي سلا وتمارة، حيث وصل العدد الإجمالي للأطفال الذين تم “عتقهم” من التسول، داخل هذه المنطقة الصغيرة، إلى 63 طفلا و 79 طفلة، بمعنى أن مجموع الأطفال المحميين من التسول، بلغ 142 خلال الأربع عشرة أشهر الماضية. إذ تم الوصول إلى إيجاد مأوي للمتسولين “الجينيور” بعد عمل مضن لجمع المعلومات وإعداد قواعد المعطيات للتكفل بهؤلاء الأطفال ذكورا وإناثا. كما اتخذت قرارات إما بإرجاع الطفل إلى وسطه الأسري، أو إيداعه في مؤسسة للرعاية الاجتماعية، وتم أيضا التحقق من هويات بعض الأطفال، وتسجيلهم في سجلات الحالة المدنية للمساعدة على ولوجهم إلى المدارس، وتحريك المتابعة القضائية في حق مستغلي الأطفال في التسول.
وعلى أهمية هذه التجربة التي تحتاج إلى رعاية من الدولة بكل أركانها، فإن الكلام “الفضفاض” للوزيرة المصلي لم يكن مطمئنا بالنسبة للذين عاشوا تجارب عديدة في المجالات الاجتماعية، وغيرها حيث يغلب على البيانات الرسمية والجمعوية، طابع التعميم وتمجيد الذات، لتخفت الشعلة مع مضي الأيام !
وينتظر أن يجري تعميم هذه التجربة بهدف الوصول إلى «مدن خالية من التسول” وتسول الأطفال الذي يعتبر ظاهرة منتشرة في كل مدن وجهات البلاد منذ القديم، في غياب سياسات وقوانين تواجه هذه الظاهرة المذلة للطفل المغربي والإنسان المغربي والمغرب كبلد مسلم يقوم معتقده وقيمه على التكريم الذي خصه به الخالق سبحانه وتعالى “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا“صدق الله العظيم.
وبينما يعتبر العديد من الفاعلين الاجتماعيين أن ظاهرة التسول واستغلال الأطفال في التسول، “معضلة اجتماعية” متفشية بشكل مخيف في المجتمع المغربي تستفزنا الوزيرة بتصريح تعلن فيه عن “غياب تسول الأطفال بالعاصمة ومدن الجواروتربط هذا الوضع “العجيب” الذي يكاد لا يصدق، بـ “مساهمة مرحلة الحجر الصحي في غياب تسول الأطفال” الذي، ، على عكس ما نشاهد، يوميا، ضاعفت من “نشاط” التسول بالنسبة للكبار والصغار. وهو أمر مفهوم ومقبول بسبب ضعف تدابير “المواجهة” التي اتخطنها الحكومة .
سمية أمغار