موضوع الثقة في الأحزاب السياسية مطروحٌ، وبقوة، في المشهد السياسي الحالي، والمغرب على مسافة بضعة أسابيع من الانتخابات العامة التي سيشهدها البلد خلال الصيف المقبل.
ولم نكن بحاجة إلى عملية استطلاع الرأي، الذي أجراه، مؤخرا، معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية بالمغرب، للتأكد من أن المغاربة، في معظمهم، فقدوا الثقة في أحزابهم ومؤسساتهم المنتخبة، بسبب تراكم خيبات الأمل التي تسبب فيها السلوك الاجتماعي والأخلاقي، والأداء الانتدابي للعديد من المنتخبين ، محليا ووطنيا، وما صاحب ذلك من أحكام مجحفة و تعاليق ساخرة، في وسائل الإعلام الوطنية المختلفة، تحمل الكثير من معاني الهزء والاستخفاف والسخرية ! …..
وها هي “الساعة” قد اقتربت، وانشقّ معها “الائتلاف” المعلوم، لتصبح الرؤية أكثر وضوحا وصفاء، أن لا ائتلاف مع تضارب المفاهيم والمصالح، وتنافر العقليات والإيديولوجيات والمطامح، وليقتنع الجميع بأن الرابط المشترك، الوحيد هو “الكرسي” الساحر، المغري بالمناصب والمكاسب والمصالح ! ……..
ولما كان النظام الانتخابي بالمغرب لا يحقق الأغلبيات المطلقة ولا حتى النسبية االنسبية، فقد كان على حزب “العدالة والتنمية فقد كان على حزب “العدالة والتنمية” المرتب “نمبر وون” في تشريعيات أكتوبر 2016، بأصوات نصف النصف، بمعنى أن المشاركين في الانتخابات شكلوا نصف المسجلين وأن وأن المصوتيت كانوا نصف المشاركين ليفوز حزب “الخلفية الدينية” بنصف المصوتين، وب 125 مقعدا، أمام حزب الأصالة والمعاصرة (102) والاستقلال (46)، والتجمع الوطني للأحرار (37) والحركة الشعبية (27 والاتحاد الاشتراكي الذي كان “يخلع” النظام أيام زمان، (20) ثم الاتحاد الدستوري (19) والتقدم والاشتراكية ( 12) والحركة الديمقراطية (3) وفيدرالية اليسار (2) و مقعد واحد لكل من حزب الوحدة والديمقراطية وحزب الخضر وبالتالي كان على حزب “الأغلبية“.أن يشكل ، لولايتبن، ائتلافا “هجينا” لم يكن ليصمد، لولا إغراءات “الاستوزار” من أجل الاستوزار… ومراكمة ما تيسر من الأوزار…… !
ومما زاد المواطنين يقينا بأن لا خير في هذا الائتلاف “التالف“أمران: أولاهما عجزُ الأحزاب المكونة للحكومة على الوفاء بالتزاماتها في برامجها الانتخابية، خاصة “العدالة والتنمية” الذي “ركّب” خطابه لولايتبن، على محاربة الفساد، لينتهي به المطاف إلى “مصالحة” الفساد والمفسدين، بعد أن رفع بنكيران، شعار” عفا الله عما سلف“. ممهدا بذلك الطريق أمام الحصول على تقاعد مليوني، لم “يضرب فيه ضربة” ولم يساهم فيه ب “لفتة“، بل كان ولا يزال، “ريعا“، حراما طيبا “لمن اتقى” ( ! ) . أما الأمر الثاني ،وهو الأدهى والأمر، فهو انخراط بعض المنتخبين المحليين ، في تبديد المال العام والاستحواذ على الممتلكات العامة عن طريق الارتشاء والتزوير، وغير ذلك من الاختلالات التي سجلتها لجان مفتشية وزارة الداخلية فيما يخص ربط مصالح خاصة مع الجماعة والتسبب في اختلالات على مستوى تدبير الصفقات العمومية وأيضا على مستوى تدبير قطاع التعمير، ما دفع، مؤخرا، الوزارة الوصية إلى فتح مسطرة العزل في المجالس الجماعية وعرض عدد من الملفات على القضاء.
كما أن عددا من البرلمانيين، من مختلف التيارات السياسية، ومن بينهم وزير سابق، مطلوبون للعدالة في ملفات فساد مالي أو ملفات جنائية ثقيلة، خلال الولاية التشريعية الحالية، ومنهم من صدرت في حقهم أحكام بالسجن النافذ. ولكنهم يسعون إلى الحصول، من جديد، على تزكيات أحزابهم، بغاية الإفلات من العقاب … إلى أن “يدبروا أحوالهم“، بصورة أو بأخرى، كما يظنون !.
وبالرغم من أن الأحزاب السياسية الكبيرة وقعت ميثاق شرف يمنع ما يسمى بـ “الترحال السياسي“، فإن العديد من “أعيان الانتخابات” من “أصحاب الشكارات” المنتفخة، يبحثون، عن “التزكيات” “بالريق الناشف” حيثما وجدت، لأن صفة “البرلماني تفتح أمامهم أبواب النعيم……، وأحيانا أبواب الجحيم……. !
لهذه الأسباب، ولغيرها مما يصعب حصره في عمود، أو حتى في مجلد كامل، فقد المغاربة الثقة في الأحزاب السياسية، بل وفي السياسة المغربية كإطار للحياة، رغم مناداة بعض المنظمات الأهلية، بضرورة تحقيق مصالحة وطنية مع السياسة والسياسيين في هذا البلد الذي عهد السياسة والأحزاب السياسية وخبايا الديمقراطية مند قرن تقريبا، حيث إن نشأة الأحزاب السياسية الأولى كانت أواسط عشرينات القرن الماضي عند نهاية حرب الريف بقيادة الأميرمحمد عبد الكريم الخطابي.
عزيز كنوني