كان التسول سابقا ملاذ من لا عمل له، ومن أرغمه الفقر والعوز على ذلك، أما اليوم فلم يعد الأمر يقتصر على الحاجة فقط، بل ولم يعد بإمكان المواطن أن يجلس أو يخرج لمكان ما دون أن يستهدف من قبل جماعة المتسولين، الذين أصبحوا يتخذون من آفة التسول “مهنة” لهم، رغم توفر البعض منهم على إمكانيات العيش الكريم.
لم يعد المتسول يعتمد على طلب الحاجة فقط بل باث ينهج العديد من الأساليب لكسب دخله المهم، الأمر الذي جعل جنبات الطرق والشوارع والأماكن العامة تكتظ بالمتسولين الذين يستجدون الصدقات، بعدما اختار كل واحد منهم مكانه المناسب لاستئناف عمله اليومي، فمنهم من يفضل ممارسة أنشطته بالقرب من المراكز والمحلات التجارية وعتبات المساجد وقرب إشارات المرور أو بأبواب الأسواق الممتازة.
وللحد من انتشار هذه الظاهرة نص القانون الجنائي على معاقبة المتسولين بعقوبات حبسية سالبة للحرية تتراوح مابين شهر إلى ستة أشهر لكل من كانت لديه وسائل العيش أو كان بوسعه الحصول على عمل لكنه تعود على ممارسة التسول بطريقة اعتيادية، وذلك حسب الفصل 326 من القانون الجنائي، في حين تواجه فئة أخرى من المتسولين عقوبات حبسية تتراوح مابين ثلاثة أشهر إلى سنة نافذة حسب الفصل 327 في حالة ما ارتبطت الظاهرة بالتهديد أو التظاهر بمرض أو عاهة، كما تتشدد العقوبة لتصل إلى أقصاها إذا تعود المتسول على اصطحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه، أو الدخول إلى مسكن أو أحد ملحقاته دون إذن مالكه أو شاغله. كما نص الفصل 328 من القانون الجنائي بدوره على عقوبات حبسية أيضا تهم كل من يستخدم التسول صراحة كمهنة أو حرفة ما، مستغلا أطفالا تقل سنهم عن 13 عاما.
لكن وبالرغم من أن القانون نص على هذه العقوبات، إلا أن شوارع وأزقة البلاد عامة وعروس الشمال خاصة لازالت إلى يومنا هذا تتشوه جمالية شوارعها وأزقتها بهؤلاء المتسولين الحريصين على كسب عطف الناس وكرمهم بطرق ووسائل عدة، بالرغم من عدم احتياج البعض منهم. وعلى سبيل المثال، فبعض الأطفال بائعي الورود، اجتهدوا وأبدعوا في مهنتهم لسلب بعض الدراهم من المارة، فعوض بيع الورود يقومون ببعثرتها لتبدأ حينها المسرحية التي يتقمص دورها طفل “بائع الورود” تعرض للسرقة من قبل مجهولين وقاموا برمي وإتلاف وروده وسلبه كل ما يملك من نقود، مثيرا بذلك شفقة المواطنين الذين يقومون بتعويضه عن ما نهب منه. هذا فضلا عن بعض الراشدين الذين يجسدون دور المرضى وذوي العاهات المستديمة ودور اللاجئين السوريين. وللأسف فهذا الواقع بتنا نشاهده بشكل يومي.
فإلى متى ستظل هذه الظاهرة متجذرة في مجتمعنا المغربي؟ بل وكيف ستتعامل الجهات المختصة مع هذه الظاهرة التي تتطلب إيجاد حلول حقيقة وجذرية؟ ومتى سيطبق القانون في حق كل ممتهن للتسول؟
رميساء بن راشد