البرلمان بـ “مطبخيه” منصرفٌ كليا، هذه الأيام، إلى تدبير شأن من شؤونه الخاصة، وهو ما يفسر “الدينامية” الاستثنائية التي أظهرها، حضورا ومشاركة وتفاعلا، سواء على مستوى لجنة المالية أو الجلسات العامة، في محاولة “جادة” لحماية “الكعكة” من أن يُتلاعب بها أو أن يضيع نصفها عند “التصفية”.
ولكن، عن أي تصفية يتحدثون؟
تصفية المعاشات التي استفادوا منها دون وجه حق، ريعا حراما طيبا تجري لها لعابهم، خاصة وهم ينتظرون أن يتوصلوا بتلك المعاشات “دوبل”، مضاعفة، بمعنى أنهم ينتظرون استرجاع مساهماتهم في الصندوق “الفارع”، بإضافة مساهمات الدولة من المال العام,
كيف؟؟
بعملية بسيطة، تُوصلنا إلى عين الحقيقة، وهي أن المستشارين، يطالبون باسترجاع مساهماتهم في احتياطي الصندوق “المثقوب” كاملا يوزع بين “المنخرطين” الجدد، و”المستفيدين” سابقا من المعاش البرلماني ، وفق مسطرة معقدة “ومقعدة” تدخل فيها العمليات الأربع الأساسية، جمعا، وضريا، وطرحا، وقسمة، وهو ما دفع أغلبية المستشارين إلى إطلاق صيحات ” أوهو”، فالكعكة الميلياردية واحدة لا تتجزأ، ويجب أن تعود للمساهمين الجدد، أما السابقون، فقد استفادوا بما “قسم الله” وعليهم أن يرحلو، بعد أن “رُحّلوا” وهم يقصدون النواب الذين انتقلوا للحكومة ليتم تمتيعهم باستفادات خيالية، ونسوا أن من بين هؤلاء الوزراء، في الحكومتين البيجيديتين يوجد العثماني والخلفي والرباح، وغيرهم، والرميد لمن لا يعرفه، والذي لا بد وأنه سيهدد بالاستقالة -كعادته- لوتم المساس بنصيبه من “الوزيعة”. أما بنكيران، فقد “مسك الله عليه” وطلع “فورا” بدون حساب.
وبسبب أن مجلس النواب اصطف إلى خيار استرجاع المساهمات فقط، وأن مقترح المستشارين يقضي بالجمع بين مساهمات المستشارين ودعم المال العام، وهو ما اثار جدلا واسعا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، فإن مجلس المستشارين قرر إرجاع مقترحه إلى لجنة المالية من أجل تصحيحه وإعادة صياغتيه. إلا أن هذا الحل المؤقت لم يتم دون نقاش حاد بين فريقي العدالة والتنمية المدافع عن مبدأ “الجمع” بين المساهمتين، اعتبارا لحالة “بؤساء” مجلس المستشارين و “الأصالة والمعاصرة” الذي اعتبر أن لا حق للمستشارين في الجمع بين مساهماتهم ومساهمات الدولة، في الوقت الذي يتحتم على ممثلي الأمة أن يساهموا في صندوق كورونا تضامنا مع الفقراء والمتضررين من الوباء ومن البرد والثلوج…..
وكان مجلس النواب قد صوت على مقترح قانون لتصفية معاشات النواب، يقضي باستعادة النواب البرلمانيين للمساهمات التي قدموها فقط، دون أن يقع المس بمساهمات الدولة، على عكس المقترح الذي تقدمت به الفرق والمجموعة البرلمانية بالمستشارين، والذي يخول لهم الحصول على المساهمات الكلية، أي مساهماتهم ومساهمات المجلس معا. ولم لا وقد عودناهم على “الفشوش” البرلماني المدفوع، سواء حضروا أم تغيبوا، فالمانضة “طالعة” والامتيازات “سالكة” والسفرات “وفرة” “أكلا وشربا ودهنا في الببيت…..وهم لا يسألون…
عزيز كنوني