وأخيرا، هدى الله أحمد رضا الشامي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،إلى فتح ملف النساء المعنفات، في بلد الحق والقانون، وإلى اعتبار أن الملف الاجتماعي الذي يتولاه في إطار المجلس الاستشاري الذي تسلمه، يسع أيضا لنساء المغرب اللائي يعشن حياة التعاسة والغبن، سواء داخل بيت الزوجيةـ أو بيت العائلة، أو بموقع العمل، أو بالشارع، من طرف أناس لا يحترمون المرأة ولا يتعاطفون معها، ومنهم من لا يعتبرها “مواطنة كاملة المواطنة“.
ومن بين عشرات “الإحصائيات” المقدمة من مختلف الجهات المتدخلة في هذا المجال، والتي تبرز تعاسة المرأة المعنفة، كشف الشامي أن 57 بالمائة من النساء المتراوحة أعمارهن بين 15 و 74 سنة، بالمغرب، تعرضن لشكل واحد من أشكال العنف، خلال عام واحد، على الأقل.
وفي توصيات حول ملف أحالتهُ الحكومة على المجلس، اعتبر الشامي أن بلدا تتعرض نساؤه للإقصاء أو العنف، أيا كان شكله، وهن نصف قوته الحية، هو بلد لا يمكنه أن يطمح إلى تحقيق التنمية ةالتقدك والتطور.
من جهة أخرى شدد الشامي على أن العنف في حق النساء، يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الأنسان، وأن آثاره النفسية التي لا يمكن محوها بالنسبة للضحايا ، وكذا الشأن بالنسبة لكلفتها الاقتصادية والاجتماعية.
وأرجع أيضا مسؤولية تكريس المكانة الدونية للمرأة في المجتمع المغربي، إلى العقليات والصور النمطية الجاهزة وإكراهات العادات والتقاليد والأحكام المتوارثة، وهي عناصر تعتبر من أهم العراقيل التي تعترض طريق المرأة المغربية في سعيها لتحقيق ذاتها واستقلاليتها الاقتصادية والاضطلاع بدورها الهام في المجتمع.
سجّل أيضا أن هناك عوامل أخرى تساهم في تفشي هذه الظاهرة؛ منها ضعف الإلمام بالقانون، وعدم تبليغ فئة من كبيرة النساء عن تعرضهن للعنف، وضعف فعالية منظومة الحماية.
وبخصوص أسباب محدودية أثر الاستراتيجيات العمومية في هذا الشأن، ، قال المجلس إن هناك ستّ عوائق رئيسية؛ وهي: عدم اعتبار محاربة العنف ضد النساء أولوية واضحة في السياسات العمومية، وعدم ملاءمة الإطار المعياري الوطني مع مرجعية القانون الدولي في الموضوع ، ووجود نواقص وثغرات في القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، ومحدودية أثر التدابير الوقائية المتخذة، وصعوبة ولوج النساء والفتيات ضحايا العنف إلى العدالة، وغياب آلية رسمية للحماية قادرة على ضمان الرصد المبكّر والتكفل الفعال بالنساء ضحايا العنف ، وعدم مراعاة الظروف الخاصة للفئات الأكثر هشاشة.
مندوبية التخطيط، قدمت، من جهتها، إحصائيات مقلقة، في موضوع تعنيف النساء، توكد أنه بالرغم من كل الجهود التي بذلت من أطراف رسمية وجهات من المجتمع المدني، فإن هذه الظاهرة السيئة، لا تزال متفشية في المجتمع المغربي، وداخل الأسر، مع ما يشكل ذلك من خطورة على سلامة المرأة الجسدية ومن خرق لحقوق الانسان وللقوانين الجاري بها العمل ، التي على ما تحمل من نقائص، كان يمكن أن تشكل رادعا للمعتدين على كرامة المرأة وحقوقها الانسانية.
ثم إن العنف الأسري ضد المرأة مسألة “مزاجية” بالنسبة للزوج، يرتفع ويتراجع دون بناء منطقي، إنه ناتج عن ردود فعل ظرفية بسبب ظروف غالبا ما تكون خارجة عن إرادة الزوجين معا،
وبالتالي، فلا البرامج “الرسمية” تنفع، ولا الحملات الموسمية تشفع، ولا حتى الشعارات التي توضع تحتها تلك الحملات “التحسيسية” على غرار “مغاربة متحدون وللعنف ضد النساء رافضون”، تفي بالغرض وتدفع إلى تحقيق المراد.
بحيث أن فوق نصف نساء المغرب يتعرضن للعنف في الوسطين الحضري والقروي حسب البحث الذي تم إنجازه السنة الماضيةعلى صعيد جميع جهات المغرب.