مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المقبلة، تزايد الحديث عن تمثيلية المرأة سواء بالبرلمان أو المجالس الجماعية أو، بصفة عامة، على مستوى مواقع اتخاذ القرار.
معلومٌ أن هذا الحديث يزعج الأوساط “المحافظة” في الأحزاب السياسية التي تزعم أن حقل السياسة ذكوري بامتياز، وتخشى “المغامرة” بمرشحات على لوائحها، لظنها أن النتائج ليست مضمونة,
هذا الزعم جعل نساء الأحزاب في نوع من “المواجهة” ضمنيا، مع القيادات، وهو ما دفع إلى “الكوطة” وإلى لوائح نسائية ولوائح الشباب المختلطة، لينتقل تمثيل النساء بالبرلمان من سيدتين اثنتين، عام 1993 إلى 81 برلمانية في الانتخابات الأخيرة، (2016) من أصل 395 مقعدا بمجلس النواب، 60 منهن وصلن عبر اللائحة الوطنية و 9 عبر اللوائح المحلية و 12 عبر لائحة الشباب المشتركة (إناثا وذكورا).
ومعلوم أن دستور 2011 تبنى الرفع من مستوى التمثيل النسائي إلى 60 مقعدا بدل 30 في الانتخابات السابقة (2007) بعد أن تم إقرار نظام “الكوطا” سنة 2002 لضمان حد أدنا لتمثيلية النساء بالبرلمان. وقد مكن هذا النظام من ولوج 35 امرأة للمؤسسة التشريعية.
ولو أن المرأة المغربية لم تحقق، بعد، سقف المناصفة التي أقرها الدستور، ولا حتى نسبة الثلث التي كانت تطمح إليها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة (2016)، إلا أن مسار نساء المغرب النضالي من أجل الحق في الممارسة الديمقراطية الكاملة، مسيرة، مشرفة، طموحة، وواعدة، بالرغم من بعض الضغوط المرتبطة أصلا، بتراكمات ثقافية واجتماعية الملتصقة بصورة المرأة النمطية التي لا زالت تذكيها عقلية ذكورية متهالكة، جامدة، تتأسس على تصورات خاطئة، مغلوطة، لقدرة المرأة على تحمل مسؤوليات نيابية على أعلى المستويات، وعلى مساهمتها في اتخاذ القرارات المصيرية، وتنطلق من الثقة في أن الأداء السياسي للرجل أقوم وأقوى من أداء المرأة، وهو تصور خاطئ لا يحتاج إلى دليل.
ومن المؤسف أن تواجه المرأة هذا النوع من الفتور والإعراض داخل الأحزاب التي تناضل في صفوفها، لأسباب معروفة، منها طغي المحسوبية السياسية فيما يخص الترشيحات النسائية التي تتقدم بها الأحزاب والتي لا تعكس بالضرورة الكفاء العلمية والسياسية بقدر ما تنتصر للولاءات الحزبية والعائلية الأمر الذي ينعكس سلبا على أداء المرأة داخل المجالس والهيئات التي تنجح في الحصول على عضويتها.
ولعل وزير الداخلية كان على اطلاع تام بهذه الوضعية حين استقبل، بداية الأسبوع، وفدا عن القيادات النسائية من مختلف ، التيارات الموجودة على الساحة، حيث أشاد عبد الوافي لفتيت بالدور الأساسي الذي تضطلع به المرأة في العمل السياسي مناضلة ومنتخبة ورائدة ، وذكر بالقرارات الهامة التي تم اتخاذها خلال السنوات القليلة الماضية، من أجل تعزيز دور المرأة في المشهد السياسي الوطني، والتي مكنت المرأة المغربية من تحسين وضعيتها سواء على مستوى البرلمان أو المجالس المحلية والجهوية. ومع ذلك، يرى وزير الداخلية أن تظافر الجهود كفيل بتحقيق المناصفة التي تخدم المرأة والمغرب ككل,
ومعلوم أن القيادات النسائية بالأحزاب السياسية مرتابة من عودة الزعامات الوطنية في أحزابهن، إلى أسلوب توزيع “التزكيات” الانتخابية على الموالين والوجوه القديمة، الأمر الذي سيحرم النساء من فرص التباري بأحقية في انتخابات 2021. فهل هي ثورة نساء الأحزاب السياسية على قيادات وزعامات هذه الأحزاب، وهل ستأخذ وزارة الداخلية بزمام الأمر فتتخذ مبادرات خاصة، لصالح فسح المجال أمام النساء لولوج البرلمان والمجالس المحلية والجهوية، ووصولهن إلى مواقع القرارات العليا وفق كفاءاتهن العلمية والفكرية وتجربتهم في تدبير الشأن المحلي والوطني.