على الرغم من الارتفاع الذي تعرفه بلادنا في أعداد وأرقام الحالات المصابة بوباء”كورونا”، والأضرار الجسيمة التي لحقت الجميع جراء هذا الوضع، إلا أنه لازالت هناك فئة تشك وتستهزئ بهذا الوباء. فسرعان ما حل شهر شتنبر، شهرالعودة إلى المدارس و العمل، وعاد معه الاكتظاظ الذي باتت تعرفه مدينة طنجة على مدار السنة، فبعد أن شهدت المدينة انخفاضا ملحوظا في أرقام الحالات المسجلة، وتنفست الصعداء، أصبحت مهددة بكارثة وبائية جديدة.
ولا يجادل اثنان في أن المواطنين قد استنزفت طاقاتهم إثر ضغوطات حالة الطوارئ، ففي الوقت الذي كان يفترض أن يقضوا إجازاتهم الصيفية رفقة عائلاتهم وأبنائهم، كانوا “مسجونين”، جراء الإغلاقات التي شهدتها مدينة طنجة، سواء على مستوى شواطئها، أو على مستوى منتزهاتها و شوارعها، قبل أن يتمرد السكان على هذا “السجن” الغير المعروف أجله. وربما هذا هو السبب الرئيسي لهذه الكارثة التي تشهدها المدينة. وربما يكون السبب أيضا القصور الأمني وضعف المراقبة، فبعد أن كانت المدينة مطوقة برجال الأمن، ومضروبا عليها حراسة مشددة، أضحت اليوم تعيش نوعا من التهاون، فالتنقل من المدينة إلى “المنار” أو “القصر الصغير”، مثلا، لم يعد يستوجب حمل رخصة استثنائية للتنقل، مما جعل هذه المناطق تعرف في كل نهاية أسبوع، رواجا وإقبالا عليها، وطبعا دون أي احترازات وقائية، من مسافة آمان و”كمامات”… وكيف يمكن أن تفعل هذه الاحترازات، بينما وسيلة النقل العمومية تنقل المواطنين إلى هناك، دون أخذ الطاقة الاستيعابية بعين الاعتبار،وبهذا تكون قد خالفت كل الإجراءات والقوانين التي فرضتها الحكومة للتصدي لهذا الفيروس.؟ فضلا عن أن أغلب المقاهي و المطاعم لا تلتزم أيضا بالاحترازات المطلوبة، الأمر الذي يطرح سؤال: أين المراقبة وأين هي لجنة اليقظة؟
وإذا كان قد تم التخفيف من حالة الطوارئ الصحية، فلماذا يتم إغلاق الكثير من شوارع وأحياء المدينة، كشارع “مرقالة” و أشقار” وأيضا المنتزهات مساءا فقط؟ بينما تكون جل أنحاء المدينة في حالة طبيعية، صباحا؟ ولماذا لازالت المساجد تغلق في صلاة الجمعة في حين أن الاحترازات الوقائية في بيت الله تعالى بإمكانها أن تطبق في هذا اليوم أيضا؟ وغير ذالك من التساؤلات و التناقضات التي تطرح، للأسف، نفسها دون أن تلقى أي إجابات أو توضيحات بهذا الخصوص.
وفي نفس الصدد، لابد من الإشارة إلى أن الإدارات المغربية أضحت تتعامل بدورها مع المواطن بنوع من التراخي في التعامل مع الوباء على الرغم من انتشاره. فمع الدخول المدرسي، وضرورة المصادقة على الوثائق المطلوبة وتسليمها إلى الجهات والمؤسسات المعنية، والإقبال الذي تعرفه العديد من الإدارات في هذه الفترة، جعل هذه الأخيرة تتراخى في خدماتها، الأمر الذي يتسبب في تعطيل وتأخير مصالح المواطنين، الذين يجبر بعضهم “على منح ورقة من فئة خاصة “، في حالة أرادوا الإسراع في قضاء مصالحهم، على الرغم من أن تقديم الخدمات هو من واجب الإدارة.
وآخرا، أصبح الوضع يحتاج إلى تدخل سريع وفوري، لإيجاد حل لما تعيشه وتشهده طنجة الكبرى، قبل أن يخرج عن السيطرة، ويعود إلى نقطة البداية، لأن الأمور لا تبشر بالخير. و على المواطن أيضا أن يعي بخطورة وجدية الوضع المتعامل معه، وأن يلامس في خطاب جلالة الملك محمد السادس الأخير، نوعا من الخوف والمسؤولية التي يعنى بها الجميع، إلى حين انتهاء هذا الوباء، فناقوس الخطر قد دق، وليتحمل كل منا مسؤولية أخطائه وتصرفاته.
رميساء بن راشد