شد انتباه العالم، بحر هذا الأسبوع إلى مجريات قمة البريكس التي احتضنتها جنوب إفريقيا، حيث انعقدت القمة بحضور ممثلين عن أزيد من أربعين دولة، تحت قيادة دول المجموعة؛ البرازيل، روسيا، الهند، الصين والبلد المنظم.
وعلى خطى مبادئها وأهدافها منذ تأسيسها سنة 2009، تسعى المجموعة باعتبارها تضم الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، إلى تشكيل قوة اقتصادية عالمية منافسة لأقوى المجموعات الاقتصادية.. ونظرا للخصوصيات الظرفية العالمية، فقد خصصت القمة لتباحث جملة من الملفات والقضايا من بينها سن عملة مشتركة بين الدول الأعضاء أو الانتقال إلى التعامل بالعملات الوطنية عوضا عن الدولار الأمريكي، وملف الأمن الغذائي العالمي الثقيل..
وفي ندوتها الصحافية المنعقدة بمناسبة التحضير لانعقاد القمة في السابع من الشهر الجاري، أفادت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون لدولة جنوب أفريقيا أن القمة ستعرف أيضا مناقشة مسألة توسيع العضوية في المجموعة، حيث أبدت 23 دولة الرغبة في أن تصبح عضوا في المجموعة، من بينها على الصعيد العربي؛ مصر، السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الجزائر، البحرين، الكويت، المغرب وفلسطين، إذ قدموا طلبات رسمية للانضمام.
وما كان للخارجية المغربية إلا أن ترد بحزم على ادعاءات البلد المنظم، إذ أفاد مصدر مأذون من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بأن التفاعل إيجابا مع الدعوة للمشاركة في اجتماع بريكس أو المشاركة في هذا الاجتماع على أي مستوى كان، لم يكن واردا أبدا بالنسبة للمملكة المغربية.
وردا على بعض وسائل الإعلام التي تحدثت، مؤخرا، عن ترشيح مفترض للمملكة للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، أو إمكانية مشاركتها في الاجتماع القادم “بريكس/افريقيا”، قال المصدر إن الأمر لا يتعلق بمبادرة من “بريكس” أو الاتحاد الافريقي، وإنما بمبادرة صادرة عن جنوب إفريقيا، بصفتها الوطنية.
وأوضح أن “الاجتماع ينظم على قاعدة مبادرة أحادية الجانب للحكومة الجنوب إفريقية” مضيفا أن المغرب قام، بالتالي، بتقييم هذه المبادرة على ضوء علاقته الثنائية المتوترة مع هذا البلد، مضيفا أن جنوب إفريقيا أبدت، دائما، عدوانية مطلقة تجاه المملكة، واتخذت بطريقة ممنهجة مواقف سلبية ودوغمائية بخصوص قضية الصحراء المغربية.
وأشار المصدر المأذون للوزارة إلى أن بريتوريا ضاعفت، على الصعيد الداخلي وفي إطار الاتحاد الافريقي، من سلوكياتها المعادية بشكل سافر للمصالح العليا للمغرب، مؤكدا على أن دبلوماسية جنوب إفريقيا معروفة بتدبيرها اللاجدي والارتجالي والاعتباطي في مجال تنظيم مثل هذا النوع من الأحداث.
وكدليل على ذلك، أشار المصدر ذاته إلى الخروقات البروتوكولية المتعمدة والاستفزازية، التي اتسمت بها دعوة المغرب إلى هذا الاجتماع، معتبرا أن الأسوأ من ذلك يكمن في أن العديد من الدول والكيانات دعيت بشكل تعسفي من قبل البلد المضيف، دون أي أساس حقيقي أو استشارة مسبقة مع البلدان الأعضاء الأخرى في مجموعة “بريكس”.
وخلص إلى القول بأنه “قد أصبح واضحا أن جنوب إفريقيا ستعمل على تحريف طبيعة هذا الحدث وهدفه من أجل خدمة أجندة غير معلنة”، مشيرا إلى أن المغرب استبعد، منذ البداية، أي رد فعل إيجابي تجاه الدعوة الجنوب إفريقية.
أما على صعيد علاقته بباقي دول البريكس، فإن المغرب يقيم، بالتأكيد، علاقات ثنائية هامة وواعدة مع الأعضاء الأربعة الآخرين للمجموعة، بل تربطه بثلاثة منها اتفاقيات شراكة استراتيجية، أما ما صدر عن دبلوماسية جنوب إفريقيا، فلا يعدو أن يكون “تصورات” لا تعكس الواقع بأي حال من الأحوال.
وخلص المصدر المأذون إلى التشديد على أن مستقبل علاقات المغرب مع هذا التجمع، سواء على مستوى طبيعتها أو حمولتها، ستندرج في الإطار العام والتوجهات الاستراتيجية للسياسة الخارجية للمملكة، كما حددها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مؤكدا على أن المملكة تعتبر أنه لا ينبغي استخدام المنصات متعددة الأطراف لتشجيع الانقسام أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، أو خلق سوابق، قد تنقلب في يوم من الأيام، على المبادرين إليها.
أمل عكاشة