وسط الحي الشعبي بوسلهام بمدينة طنجة، تتواجد دار الشباب “محمد اليوسفي”، التي أحدث في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف أسمى يتمثل في مكافحة الهدر المدرسي وتقوية قدرات الأطفال الدراسية عبر أنشطة ثقافية وتعبيرية هادفة ومتنوعة.
وتواجد المركز الثقافي وسط حي شعبي حديث النشأة يجعل منه منارة اجتماعية وثقافية تشهد كل يوم توافد أعداد كبيرة من الأطفال والشباب من مختلف الأعمار والاهتمامات لمزاولة أشكال مختلفة من الفنون، تحت إشراف أطر ومتطوعي مؤسسة “علي زاوا”، التي منحتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فرصة الاحتكاك بشباب المنطقة ومواكبة تطلعات الأطفال، خاصة الذين يرغبون في تحقيق ذواتهم وتحقيق التميز في الفنون التعبيرية التي تستهويهم وتثير اهتمامهم.
ويعد المركز الثقافي مثالا حقيقيا للمنشآت المنخرطة في محيطها السوسيوثقافي وقبلة ثقافية تعكس الأهداف النبيلة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية لحماية الشباب من الانحراف وتشجيعهم على ممارسة الثقافة التعبيرية وتمكينهم من الوسائل الكفيلة بتنمية قدراتهم الفنية والمعرفية.
في هذا السياق، أكد اسماعيل متوكل، رئيس مصلحة الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة بقسم العمل الاجتماعي بعمالة طنجة–أصيلة أن إحداث المركز يندرج ضمن البرنامج الرابع للمبادرة، لاسيما المحور المتعلق بدعم التمدرس والتفتح والتفوق الدراسي لدى الاطفال والشباب.
ويشتغل هذا المركز وفق منظور تشاركي عبر اتفاقية تعاون تجمع بين عمالة طنجة–اصيلة ومؤسسة “علي زاوا”، بموجبها وضعت المبادرة رهن إشارة المؤسسة هذا المركز المجهز بوسائل التنشيط الثقافي والتربوي والفني إلى جانب دعم مالي يبلغ 500 ألف درهم لتدبيره، حيث يتم تكوين وتأطير الشباب والأطفال الذين يقطنون مع أسرهم بالحي شبه الحضري بوسلهام والمناطق المجاورة.
وأضاف أن الأنشطة المزاولة داخل المركز هي الرسم والفنون التشكيلية والموسيقى والغناء والمسرح والرقص المعاصر في أفق فتح ورشات جديدة مع بداية فصل الصيف لتعليم اللغات ودعم معارف المعنيين فيها، مثل الانجليزية، مع تنظيم رحلات ترفيهية وأنشطة أخرى متنوعة تتطلع الى ضمان انفتاح المناطق شبه الحضرية والقروية المجاورة على محيطها العام.
بهذا الخصوص، قال فيصل زيزا، من مؤسسة “علي زاوا”، إن مركز “نجوم البوغاز” الثقافي بحي بوسلهام، هو المركز الثاني الذي تشرف على تدبيره المؤسسة باتفاق مع عمالة طنجة–اصيلة وبدعم خاص من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهو يسعى الى دعم انفتاح أطفال وشباب الحي على مختلف التعبيرات الثقافية وصقل مواهبهم الفنية، وإبراز ذواتهم في فنون مختلفة يحضرها في أحيان كثيرة آباء وأمهات وأولياء المعنيين وساكنة الحي.
وأضاف أن المركز يستقطب حاليا 352 منخرطا من مختلف الاعمار والاهتمامات الثقافية ويتابعون دراستهم في سبع مؤسسات تعليمية، يستفيدون من الأنشطة الثقافية التي ينظمها ويحتضنها المركز طيلة أيام الاسبوع، من ضمنهم أكثر من 70 في المائة من الفتيات، وذلك لحثهن على مزيد من الانخراط في المبادرات الثقافية وإظهار مواهبهن وتشجيعهن على الانفتاح على مختلف الفنون والإبداعات.
واعتبر الطفل المستفيد عمار الزكري أن الخدمات الثقافية المتنوعة التي تقدمها دار الشباب تدفع ساكنة الحي عامة الى تغيير نظرتها إزاء بعض التعبيرات الثقافية والفنية، بل أكثر من ذلك تشجيع أطفالها على ممارستها ومزاولتها بشكل منتظم، مضيفا أنه استغل ما يقدمه المركز من خدمات ثقافية لصقل موهبته في الغناء تحت إشراف مؤطرين متخصصين.
وقالت الطفلة المستفيدة إسراء حسون أنها اكتشفت موهبتها في الغناء داخل المركز الذي منحها الفرصة لتطوير قدراتها في مجال الغناء بتشجيع من عائلتها، التي ترى بدورها في المركز “حاضنة” ثقافية مهمة تبعد شباب وأطفال الحي عن ممارسة أشياء قد تضرهم في حياتهم وتلهيهم عن دراستهم.
أما الطفلة قمر الحافي، التي لا يتجاوز عمرها العشر سنوات، فلم تخف أنها فخورة بانتمائها الى هذا المركز الثقافي المنفتح على ساكنة حي بوسلهام ويعطي صورة حضارية عنه، مبرزة أن ممارستها للمسرح تمكنها من تحسين قدراتها التعبيرية وملكاتها اللغوية وتساعدها دراسيا وتتيح لها فرصة التعرف على جوانب تجهلها من الحياة، فالمسرح “سيفيد أطفال الحي كثيرا في المستقبل على الانفتاح على عالم جميل بألوانه الثقافية المختلفة”.