جديد الإصدارات
كتاب
محطات في تاريخ طنجة
الدكتور عبدالحفيظ حَمّان
صدر أخيرا للمؤرخ المغربي الأستاذ الدكتور عبدالحفيظ حَمّان كتاب جديد موسوم بعنوان «محطات في تاريخ طنجة». وهذا الكتاب يكشف بعض المحطات في تاريخ مدينة طنجة، ويشكل هذا العمل في مجمله إضافة نوعية لتاريخ هذه المدينة العريقة.
ويحتوي الكتاب، مقدمة وسبع دراسات تخضع لنسق زمني يشمل القرن التاسع عشر والقرن العشرين، بينما تتنوع مضامينها، يقول عنها المؤلف: «شاركت بقسم منها في ندوات وطنية، وقسم آخر نشر في دوريات تاريخية محكّمة، وقسم ثالث أنجزته حديثا. وحتى لا تظل هذه الدراسات متفرقة ومتناثرة هنا وهناك، أردت جمعها في كتاب وإخراجها ليطّلع عليها كل باحث ومهتم بتاريخ طنجة.» غير أن هذه المضامين في تنوعها، تقدم للقارئ صورة إن لم تكن شافية، فهي كافية للتعرف على كثير من المحطات والأحداث في تاريخ طنجة الحديث.
ويستهل الكتاب موضوعه الأول، بإبراز المشاريع الاستعمارية الفرنسية تجاه مدينة طنجة عندما جلبت الاهتمام السياسي والاستراتيجي للحكومات الفرنسية منذ القرن السابع عشر، فعملت هذه الأخيرة على تنفيذ مقترحات ومشاريع أعدّها تجار وأسرى وقناصل، توضح عملية الغزو والاحتلال للمدينة.
وتليه دراسة مخصصة حول الطريق الرابط بين طنجة وتطوان، في فترة القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهو من الطرق الرئيسة في المغرب، كانت تستعمله القوافل لنقل البضائع والتبادل التجاري، وكان يقطعه المسافرون لأغراضهم الشخصية، أو للقيام بمهام كلفتهم بها الدولة المغربية. كما تكشف هذه الدراسة عن وجود ” فندق عين الجديدة” في منتصف الطريق، حيث كان المحطة الأساس لمبيت المسافرين ومركزا استراتيجيا مهما للاتصال بين المدينتين.
وتحضر في هذا الكتاب صورة طنجة؛ كما عكستها الكتابات الفرنسية على مختلف المستويات، في الحقبة الزمنية المُخصّصة والممتدة من بداية القرن التاسع عشر إلى بداية القرن العشرين. يؤكد فيها المؤلف بقوله: «حرصنا على الجمع بين الأمانة في العرض، وبين واجب النقد التاريخي لهذه الكتابات، التي لابسها الكثير من التعصب والهوى، بل والكثير من الازدراء والاستعلاء.»
كما يتطرق الكتاب إلى موضوع لا يقل أهمية وإثارة، وهو مشكل الأمن الذي شهدته مدينة طنجة في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نظرا لعدة أسباب مرتبطة بالأوضاع التي كان يعرفها المغرب في هذه الفترة الزمنية. واعتمد المؤلف في هذه الدراسة على الوثائق الدبلوماسية الفرنسية وقصده من ذلك هو الكشف عن وجهة نظر فرنسا في مشكل الأمن بطنجة، وكيف استغلت ضعف الأمن لإحكام قبضتها على المخزن المغربي بذريعة حماية رعاياها.
وبعيدا عن التاريخ السياسي، انفتح الكتاب على قضايا تعتبر من صميم اهتمامات ” التاريخ الجديد”، إذ هي أقرب إلى التاريخ الاجتماعي أو التاريخ الثقافي، فنشر وثائق تتعلق بالطلبة المغاربة الذين يتعلمون الجراحة الطبية بمدرسة الطب بطنجة على يد الأطباء الإسبان، وكشف في الوقت نفسه، عن الدور الذي قام به الأطباء الأجانب الذين شكلوا أداة فعالة من أدوات التغلغل الأوربي في المغرب.
وجاءت خاتمة الكتاب مع موضوعين مترابطين، خصصهما المؤلف للكشف عن الدور الذي قامت به مدينة طنجة، رغم الوضع الدولي المفروض عليها في الحقبة الاستعمارية، من أجل تزويد المقاومين في المنطقة السلطانية الخاضعة للاستعمار الفرنسي بالذخيرة العسكرية من أسلحة وقنابل وغيرها. فاعتمد الموضوع الأول على مذكرات أحد رجال المقاومة المغربية الذي كان حلقة وصل أساسية بين شمال المغرب وجنوبه في نقل الأسلحة، ويتعلق الأمر بالمقاوم حسن العرائشي. أما الموضوع الثاني فاعتمد على شهادات حية / مصادر شفوية لبعض المقاومين من أبناء مدينة طنجة الذين شاركوا في هذه العملية.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤرخ الدكتور عبدالحفيظ حَمّان، هو أحد الأبناء البررة لمدينة طنجة، ويعمل منذ عقود أستاذا للتاريخ المعاصر بجامعة عبدالمالك السعدي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، وسبق أن نشرت له مجموعة من الدراسات العلمية في المجلات المحكمة داخل المغرب وخارجه، كما صدر له كتابان قيمان:
- «المغرب والثورة الفرنسية» من منشورات الزمن بالرباط سنة 2001؛
- «المغرب وفرنسا زمن نابليون بونابرت: قضايا ونصوص» من منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان سنة 2017.
صدر كتاب (محطات في تاريخ طنجة). عن دار النشر السليكي أخوين. طنجة. 1444هـ/2023م. ويقع في 183 من القطع المتوسط.