كيف تحكمونهم بسنتين؟
ثلاثة متهمون… طفلة 12 سنة…إغتصاب.. إفتضاض بكارة و حمل كنتيجة..
جمعيات تنتفض إنما هل من مجيب؟؟؟
إختلفت الوقائع والأحداث، في كل مرة ترجنا فيها مثل هذه المآسي، لكن الضحية واحدة: أطفال مغربنا، واحدة من أكثر الفئات عرضة للاعتداءات الجنسية، وهو ما يتطلب فعلا حاسما وآنيا للوقوف على جميع جوانب إشكالية الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأطفال، خاصة في ظل أحكام قانونية تظل ملتبسة ومرتبكة وغير استباقية.
الضحية اليوم هي طفلة عمرها اثنا عشرة سنة، تتعرض للإغتصاب و افتضاض البكارة و ينتج عن ذلك حمل، و كان قد تبين أن هنالك ثلاثة متهمين تتراوح أعمارهم بين 26 و 37 سنة قاموا باغتصاب الطفلة مرات عديدة، و هم أبناء المنطقة التي تسكنها الطفلة مع أسرتها، و أن المغتصبة هي طفلة، لم تخبر أحدا بأي شيء، حتى أخبر صديق للعائلة أباها أن طفلته حامل، و بالفعل، بعد الكشف عنها تبين أنها في شهرها الثامن و لا تبدو عليها علامات واضحة الظهور أنها حامل، ربما لضعف بنيتها، فأخبرت الطفلة أسرتها بكل شيء، و بدأ المشوار…
قبل ثلاثة أيام صدر الحكم على المتهمين الثلاثة بسنتين سجنا، نعم، هو كذلك.. سنتين فقط..و باعتبار أن هذا الحكم لم يستوعبه المغاربة أو لم يصدقوه، و هم على حق في ذلك، و على صواب حين يتساءلون كيف؟؟؟
واحدة من أبرز الإشكاليات التي تصادفنا في كل قضية مماثلة من قضايا اغتصاب الأطفال، و في ظل المأساة الجديدة، تكمن في تعريف “الاغتصاب” نفسه في المنظومة الجنائية الوطنية الحالية، الذي لا يشمل جميع أشكال الاعتداء الجنسي، ومن بينها الاعتداء الجنسي على الأطفال. وفقا لما ينص عليه الفصل 486 من القانون الجنائي المغربي، الاغتصاب يعرف ب “مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها” ويعاقب عليه، باعتباره جريمة، بالحبس خمس سنوات في الحد الأدنى. ويصنف القانون الجنائي جميع الحالات الأخرى، بما في ذلك ما يتعلق بأطفال قاصرين، من كلا الجنسين، ضمن حالات “هتك العرض”، التي تعتبر جنحة عندما ترتكب دون عنف، يعاقب عليها بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات؛ وتعتبر جريمة في حال كان ارتكابها مقرونا باستخدام العنف. (تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن القانون الجنائي لا يقدم أي تعريف لمصطلح “هتك العرض”).
جمعيات و أسماء حقوقية و مؤسسات، أصدروا بيانات يرفضون فيها هذا الحكم و يطلبون بإنصاف الطفلة و الحكم بأقصى العقوبة على المتهمين الثلاثة، الذين دمروا حياة هذه الطفلة و مستقبل ابنها، مطالبين بشكل عام بحماية الأطفال من جميع أشكال العنف، وعلى رأسها الاعتداءات الجنسية والعنف الجنسي، و هذا ليس هدفا ساميا وجديرا بمجتمعنا فحسب، بل هو أيضا واجب اتجاه أطفالنا تمليه حقوقهم الأساسية والتزام صريح بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يعد المغرب طرفا في منظومته. “الاعتداء الجنسي على الأطفال جريمة شنعاء، مهما كانت الظروف وكيف ما كانت العلاقة بين الضحية والمغتصب”،
اليقين من حتمية المتابعة القضائية الصارمة ومحاربة الإفلات من العقاب يظلان أنجع وسيلة لمحاربة الجريمة. من دون رادع حقيقي يفلت كل يوم عدد من مرتكبي جرائم الاغتصاب من العدالة ومن العقاب، بسبب خزي التواطئ أحيانا أو بعد تراجع والدي الضحية عن الشكاية، مقابل «تعويض» مالي أو زواج العار. “هكذا يُشترى صمت الضحايا كل يوم بثمن باهظ، ثمن يدفعه ويتحمل تبعاته المجتمع بأسره”.
منظمة ما “تيقش ولدي”
منظمة “ماتقيش ولدي”، أصدرت بلاغا علاقة بهذا الحكم، تعبر فيه عن استغرابها الكبير جراء خبر الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط في ملف الاعتداء الجنسي على فتاة قاصر تبلغ من العمر 12 سنة نتج عنه افتضاض بكارة وحمل، و الحكم الصادر عن غرفة الجنايات الابتدائية والقاضي بإدانة المتهمين بالمنسوب إليهم ومعاقبتهم بمدة حبسية تتراوح بين السنتين والسنة والنصف ، وإذ تعتبر المنظمة و جميع الأمهات و الآباء أن تخفيف العقوبة مع الإدانة بهذا الشكل مس وخرق بحق الإنسان ومس كذلك بكرامة الطفلة وأسرتها، كما تعتبره فتحا لأبواب ارتكاب جناية قاسية و الحط من الكرامة و المس بمستقبل تريده المنظمة كريما لطفولة مكلومة، في تقدير المنظمة، القضاء هو الضامن لعيشها الكريم والحامي من جميع ما يمكن أن يمسها جسديا ونفسيا.
و عبرت منظمة “ماتقيش ولدي” كذلك عن أسفها لاستمرار عناصر التخفيف في عقوبات الجناة الذين تعتبرهم وحوشا آدمية، و تلتمس المنظمة من المحكمة في مرحلة الاستئناف، تدارك هذا الخلل بتنفيذ حكم قاس و الضرب بشدة على كل من تسول له نفسه المساس بطفل قاصر.
منظمة النساء الإتحاديات
من جهتها نددت منظمة النساء الاتحاديات بالحكم، حيث قالت إنها “تلقت، بصدمة واستياء كبيرين”، منطوق الحكم القضائي.
وأشارت المنظمة في بيان لها، إلى أن “الطفلة الضحية تعرضت لاستغلال جنسي واغتصاب متكرر من طرف الوحوش الثلاثة، بنواحي تيفلت، نتج عنه حمل حسب ما أثبتته الخبرة الطبية التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك العلاقة البيولوجية بين أحد المتهمين والجنين”.
و أكدت منظمة النساء الاتحاديات على أنها تابعت تصريحات وإفادات لوالدي الضحية بينت حجم المأساة المزدوجة التي عاشتها وتعيشها الضحية وأسرتها، التي لم تعانِ فقط من جريمة الاغتصاب تحت التهديد، بل أيضا من جراء الحكم الذي لم ينصف الضحية ولم يجبر الحد الأدنى من الضرر الذي لحقها.
و تتابع المنظمة في بيانها…*إن منظمة النساء الاتحاديات، التي تحرص دوما على احترام القضاء واستقلاليته، وبعدما تأكد لها أن هذه الواقعة المأساوية تضمنت عمليات اغتصاب متكرر مع التهديد واستعمال العنف، تعتبر أن هذا الحكم يتعارض بشكل واضح مع دستور المملكة المغربية ولا سيما الفصلين 117 و 110 المتعلقين بالأمن القضائي والتطبيق العادل للقانون، ويتعارض مع الاعلان الأممي حول المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة، وكذا مع فصول القانون الجنائي التي تفرض عقوبات تتراوح بين عشر وعشرين سنة فيما يخص جرائم اغتصاب القاصرين (م. 486/ 488).
وتبعا لذلك تلتمس منظمة النساء الاتحاديات من الجهات القضائية المختصة بما فيها المفتشية العامة للشؤون القضائية فتح تحقيق عاجل للكشف عن ملابسات هذا الحكم وحيثياته، وتنوير الرأي العام بخصوصه، مع ترتيب الجزاءات المناسبة في حال ثبوت أي انحياز مخل بمبادئ العدل والإنصاف.
كما أعلنت منظمة النساء الاتحاديات تضامنها المطلق واللامشروط مع ضحية هذه الأفعال الجرمية التي تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الطفل، واعتداء سافرا على الأخلاق والقيم المشتركة، وتعلن استعدادها لتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للضحية وعائلتها في المرحلة الاستئنافية، التي يعول عليها الجميع لتصحح أخطاء هذا الحكم الابتدائي غير المقبول، باعتباره يشكل مظهرا من مظاهر الإفلات من العقاب، التي تشجع الجرائم والاعتداءات الجنسية على القاصرين والنساء.
وفي الختام، تجدد المنظمة مطالبها بتشديد العقوبات في الجرائم الجنسية، وفي مختلف الاعتداءات والانتهاكات التي يكون ضحاياها الأطفال والنساء.
و نخلص هنا بضم صوتنا إلى صوت جميع المغاربة الذين يطالبون بتدارك الأمر في المرحلة الإستئنافية حفظا و حماية لأطفال هذه البلد، لنسائها و رجالها أيضا، و نطالب كذلك بمراجعة فصول القانون الجنائي المتعلقة بالاعتداء و الإغتصاب، بالحكم بأقصى العقوبات، مع التشديد في حالة إن كانت الضحية طفلة أو طفل، هذه القضية اليوم تعد من القضايا الفارقة في النظام المجتمعي و القانوني المغربي.
ل.س



















