سهيلة أضريف
كثيرة هي المعيقات التي تلوح في أفق كل موسم دراسي جديد، وتحيلنا مرة أخرى إلى أزمة التعليم بالعالم القروي، وما يكتنفه من تهميش وإقصاء، في ضرب صارخ لما جاء في الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030 والتي نذكر منها:
- إلزامية التعليم الأولي وتعميمه؛
- استهداف وتعميم التمدرس بالأوساط القروية وشبه الحضرية والمناطق ذات الخصاص بتخويلها تمييزا إيجابيا؛
- تمكين المتعلمة من استدامة التعلم وبناء المشروع الشخصي والاندماج؛
- تمكين مؤسسات التربية والتكوين من التأطير اللازم ومن التجهيزات والبنيات والدعم لضمان الإنصاف والتعميم التام؛
- تحقيق مدرسة ذات جدوى وجاذبية.
تلكم هي أهم النقاط في الرؤية الاستراتيجية التي يبدو أنها ظلت حبرا على ورق ولم يتم تنزيلها على أرض الواقع، ولا وجود لها في عالمنا القروي، فكما يعلم الجميع الدور الذي تلعبه المؤسسات التعليمية في تنشئة المجتمع وتربيته وتكوينه، هذا فضلا عن مكانتها باعتبار المدرسة من المرتكزات في بناء مجتمع قادر على تدبير دفة الشأن العام والخاص، وهذا يدخل بطبيعة الحال ضمن المنظومة الاجتماعية والفلسفة الحقيقية في إخراج المجتمع من بوتقة الجهل والأمية إلى محراب العلم وسعته.
هذا الاتجاه يتم تدعيمه دستوريا وفق ما ينص عليه الفصل 19:
“يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. “…
الفصل 31: “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة”.
الفصل 32: “التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة”.
ارتباطا مع سياق فصول أسمى قانون في البلاد، يمكننا اعتبار مشاكل ومعاناة عدد من المداشر بسبت الزينات كثيرة ولا تمت بصلة بما جاء في مقتضيات الدستور والرؤية الاستراتيجية.
فرعيات تفتقر للوسائل والأدوات الدراسية اللازمة، لا تجهيزات لائقة ولا أرضية مناسبة، جدران متآكلة، سقوف متداعية، فكيف يمكن الاندماج مع فضاء تنعدم فيه أبسط الشروط؟
الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي لبعض المدارس والفرعيات، تحكي كل شيء وتسرد لنا حقيقة الوضع، حقيقة لا يمكن التنصل منها أو ايجاد مبررات وشماعات لها، حقيقة تريد جوابا، تريد إقناعا، بل تريد حلا.
في سياق مرتبط بالموضوع، قال شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ”إن الوزارة تعمل على تأهيل المؤسسات التعليمية وخاصة في العالم القروي”، وفي جوابه عن سؤال شفوي بمجلس النواب، قال:“كان هناك مجهود جد مهم خلال السنة الماضية، بحيث تم بناء عدد من الحجرات الجديدة وتأهيل عدد من الأقسام الدراسية ”.
وأضاف الوزير، “الميزانية المرصودة خلال 2022 هي 2.6 مليار درهم (260 مليار سنتيم)، نحاول ما أمكن إعطاء الأولوية لبرنامج تعويض الحجرات التي هي عبارة عن بناء مفكك، ثم تأهيل الفضاءات التعليمية وربطها بالماء والكهرباء والصرف الصحي، كما نحاول ما أمكن وضع نظام للصيانة الوقائية”.
ويرى المسؤول الحكومي أن الوزارة “تحاول في إطار الالتقائية، استغلال برنامج التقليص من الفوارق الاجتماعية والمجالية في العالم القروي، للمساعدة على رفع الوتيرة، ثم إبرام عدة شراكات على الصعيد المحلي”.
وكان شكيب بنموسى قد حذر في وقت سابق، من كون الهدر المدرسي أصبح يشكل تحديا مقلقا للمنظومة التعليمية لما له من انعكاسات سلبية على وضعية التلاميذ المنقطعين وكلفته الاجتماعية والاقتصادية على المغرب، وخاصة في العالم القروي الذي انقطع فيه ما يفوق 167 ألف تلميذ وتلميذة عن الدراسة، معلنا عن تسجيل نسبة 5.6% كنسبة انقطاع في صفوف الفتيات المتمدرسات بالوسط القروي، بما يقارب 76 ألف تلميذة منقطعة.