سهيلة أضريف
خلص المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبر تشخيصه لأحداث مدينة مليلية التي وقعت بتاريخ الرابع والعشرين من شهر يونيو الحالي، إلى أن المواجهات العنيفة التي استعملها المهاجرون الأفارقة في اقتحامهم للثغر المحتل، ترتبت عنها نتائج مأساوية، إذ سجل المجلس وقوع وفيات في صفوف الأفارقة بلغت 23 وفاة و217 مصابا، منها 140 من عناصر القوات العمومية و77 من المهاجرين.
وبحسب المعاينة الطبية، تأكد للمجلس أن سقوط الضحايا يرجع إلى الاختناق الميكانيكي والتدافع والازدحام والسقوط من أعلى سور السياج بفعل ضيق الفضاء وتكدس عدد كبير من المهاجرين في الباحة الضيقة للمعبر الذي كانت أبوابه مغلقة بإحكام. ولفتت الخلاصات إلى أن التشريح الطبي السبيل الوحيد لتحديد أسباب الوفاة لكل حالة.
وأكدت اللجنة الاستطلاعية، على عدم دفن أي مهاجر متوفى خلال اقتحام السياج، كما تأكدت من عدد الجثث خلال زيارتها لمستودع الأموات وأن اللجنة الجهوية للمجلس تتابع أطوار التشريح وتحاليل الحمض النووي.
كما أن التقرير؛ أوضح بأن المهاجرين والجمعيات وكذا السلطات العمومية أدلوا بشهاداتهم لمبعوثي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إذ أجمعوا على أن القوات العمومية لم تستعمل الرصاص قط في هذه المواجهات، مشيرا إلى أن هذه القوات قدمت الإسعافات الأولية للمصابين والجرحى، فضلا عن التدخلات الاستعجالية من عمليات جراحية اُجريت في المستشفى الإقليمي بالناظور والمستشفى الجامعي محمد السادس بمدينة وجدة.
أحداث غير مسبوقة
أثنى المجلس الوطني لحقوق الانسان، على قرار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، الذي أمر بإجراء تشريح طبي مع أخذ عينات من الحمض النووي للموتى.
كما أن اللجنة استحضرت من خلال تقريرها على ضوء شهادات بعض الجمعيات، فرضية العنف ما وراء السياج بفعل إحجام أو تردد السلطات الإسبانية عن تقديم المساعدة والإسعاف رغم التدافع والازدحام الكبير للمهاجرين في البوابات الحديدية الدوارة بالمعبر التي ظلت مغلقة بإحكام، مما أدى الى تفاقم الإصابات وارتفاع عدد الوفيات”.
كما أن اللجنة توصلت بإفادات حول توافد العديد من المهاجرين السودانيين، وصلوا إلى المغرب بصفة “طالبي اللجوء” وذلك منذ سنة 2021 وأن محاولة العبور التي وقعت في شهر مارس من سنة 2022 كان يتزعمها مهاجرون منحدرون من نفس البلد، أي السودان.
واللجنة أشارت إلى أن هذا الاقتحام يعتبر سابقة في تاريخ تدفقات المهاجرين على السياج الحديدي الفاصل بين الثغر المحتل (مليلية) ومدينة الناظور، مع استعمال للعنف المفرط من طرف هؤلاء المهاجرين، الذين وصل عددهم إلى ألفي طالب لجوء مسلحين بالعصي والحجارة والأدوات الحادة. كما أن العملية اتسمت أيضاً باحتجاز عناصر من القوة العمومية والمس بسلامتهم الجسدية وكذا الاستلاء على معداتهم.
وعبر المجلس عن أسفه لكون المواجهات الأليمة التي عرفها المعبر واكبتها صور ومنشورات زائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، مما خلف التباسا عميقا لدى الرأي العام الوطني والدولي بخصوص ادعاءات استعمال الرصاص الحي وضعف العناية الطبية.