شتات أحرف
جريدة طنجة – آية الحَسّانـي :
الأربعاء 28 يناير 2015 – 09:57:04
كانت كلما حاول لسانها السيطرة عليها تغلقه بإحكام . لتدخل حينها معركة منزفة معه ! يحاول الحديث فتصده بالصخب ، يكابر و يكابد دون جدوى . فإذا تمرد لسانها عليها تضغط عليه بأسنانها بقوة خارقة حتى تتمكن من إخراسه على أمل ان يقيم ثورة أخرى بعد تماثله للشفاء . معركة منزفة حقا ! و يكون الجندي البسيط هو الضحية أما الملك فلا يتأثر بتاتا فغالبا يحتل مقام المؤثر . و هذا شبيه إلى حد كبير بعلاقة اللسان بالقلب ! فالقلب هو سلطان الذات ! وهو المتحكم فيها … يوجهها كيفما شاء و حسب مزاجه المتغير بتغير المناخ فصل الخريف . و هو الذي يقذف اللسان بأوامر لا حيلة له غير الإنصياع لها . و حين يطبقها يقع في فخ الألم و يئن في وكر القهر .
فجأة ! أغلقت عيناها المعمشتين ، لتلمح على وقع الصدفة و الغرابة شعاع منيرا خلف إحدى الأبواب .. وقالت : أيعقل أن باب الفرج فتحت في و جهي ! أيعقل أنني وجدت ضالتي ؟ أيعقل أنني سأتمكن من تشتيت أحرفي و بعثرة كلماتي كيفما شئت ؟ …. طرقت الراحة قلبها ، ودب الأمل مجددا في وريدها . و بدأت تقترب شيئا فشيئا ! رويدا رويدا . فشيئ ما في رأسها ينبهها يحذرها الإقراب … لكنها تجاهلته ! و تجنبت وقع تأثيره عليها . و تابعت مسارها مستعدة لتفرغ شحنتها من الألم … لكن حين وصلت صد ذلك الباب بقوة في وجهها الطفولي المجعد .. وقفت متسمرة في مكانها ، فلم تستطع أن تتزحزح من مكانها حتى . أمسكت عصاها المهترئة و بدأت تتعكز عليها إثر ضخامة الصدمة . عادت أدراجها بعقل منتصر ، بقلب محطم ، بعيون هزيلة ، ببشرة شاحبة و بكم هائل من الدموع . وبالطبع وقعت الفأس في رأس اللسان ، و أكل ضربات متينة . و عاد مجددا ليختبئ في وكر الالم .

نصيحة : إذا طرق أحدهم بابك إفتحه على مصراعيه ، ولا تبالي بالعلل و النتائج . إستمع ، أنصت ، و إمنحه وقتك و جهدك ، فهو عند إقرابه منك أزاح ثقته من العالم بأسره و منحك إياها .فكن عند حسن ظنه ! و تكرم عليه بشتات من احرفك .. وأشبعوا غريزتكم العربية الكريمة المعطاء !! عملقوها ! أصيبوها بالتخمة ! فيكفيكم ريجيما ، يكفيكم نوما ! أرجوكم ! أفيقوا صوت عروبتكم ، صوت إسلاميتكم ، وصوت إنسانيتكم . فهناك من يتمزق في صمت بدون أي صوت . يعيش تحت رحمة الألم .
بقلم : آية الحَسّانـي



















