الشّوباني والشّريفة……والجَامعة وأُمور أخرى
تنتقل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، مرورا بالوسط وبأصحاب “الخلفية” المعلومة، فتجد أن الفضائح في كل مكان وزمان، لا يخلو منها حزب أو جماعة .ا…. وما “حدث” بالرباط، وتناقلته العديد من المنابر الاعلامية، شيء يبعث على القلق لمن لا زال بقلبه “شيء” من الثقة في السياسة والسياسيين المغاربة .ا
جريدة “الأخبار” أطلقت الخبر المثير، في عددها الثالث والستين بعد المائة الست، يوما بعد ذكرى وثيقة المطالبة بالاستقلال، تقول ما معناه أن “تلاعبا” حصل في قضية انتقاء المقبولين للتسجيل في سلك الدكتوراه، بكلية الحقوق بالرباط ـ أكدال.
طالبة باحثة واسمها الشريفة لومير، حسب المصدر ذاته، ادعت أنه تم إقصاؤها لأسباب لا علاقة لها بالشروط المطلوبة لانتقاء المقبولين للتسجيل، بل لتشابه مشروع البحث الذي تقدمت به بالمشروع الذي تقدم به وزير من حزب بنكيران، الحبيب الشوباني.
الطالبة أضافت أن مشروع الأطروحتين يتمحور حول الأدوار الدستورية الجديدة لمنظمات المجتمع المدني. وهو موضوع الحوار الوطني الذي سبق وأن أطلقته وزارة الشوباني وكلف الشعب ما يناهز سبعة عشر مليار سنتيم، بحسب الشريفة التي قدمت تفاصيل مثيرة حول طريقة تعامل اللجنة الجامعية المشرفة على عملية انتقاء الطلبة المقبولين للتسجيل والتي جرت يوم الخميس 8 يناير الجاري .
الطالبة “المشاغبة” في نظر تيار العدالة والتنمية، أثارت بعض الاختلالات التي صاحبت العملية التي كان من المفروض أن تنطلق في التاسعة صباحا ولكن اللجنة المشرفة “مططت” الوقت في انتظار وصول الوزير الطالب الذي كان في اجتماع حكومي.
الطلبة “انتبهوا” للعبة وأيقنوا أن في الأمر “إن” وأخواتها ، بحيث أن باب القاعة لم يفتح في وجه المترشحين إلا عند حدود الواحدة والنصف زوالا، تقول الشريفة لومير، والطلبة ينتظرون لما فوق الأربع ساعات ، إلى أن جاء الفرج الشوباني… وسارع إلى استحضار بطاقة تعريفه الوطنية التي “نسيها” بسيارته. إلا أن الحكاية لم تنته عند هذا الحد.
تقول الطالبة لومير للأخبار، إن الطلبة “فوجئوا” بوجود “لجنة فصلت على مقاس الشوباني، من بين أعضائها الشريف عبد العالي حامي الدين، زميل الوزير في الحزب و مقرر مناظرة “الحوار الوطني حول المجتمع المدني. (.ا)…..وتضيف أنه بعد خروج الوزير انسحبت اللجنة التي تقابل معها و”تنصبت” لجنة أخرى “لإجراء المقابلات الأخرى” ، الأمر الذي دفع طالبة “الأخبار” إلى الاحتجاج وتسجيل ملاحظتها بهذا الشأن. ليتم إخبارها من طرف أحد الأساتذة، على حد قولها، أنه سيحضر في اللجنة الثانية، “لضمان المساواة”……..
ونصل الآن إلى “عقدة” الرواية. تقول الطالبة المحتجة، إن “حديثا” من نوع خاص، جرى بينها وبين أحد الأساتذة الممتحنين حين عرضها لنص أطروحتها التي كانت تتمحور حول “الديمقراطية التشاركية من أجل تكريس الخيار الديمقراطي” . تقول الطالبة إن أحد أعضاء اللجنة سألها إن كانت مهتمة بهذا الموضوع ، وحين أجابت بالإيجاب، قال لها: إذا أنت منخرطة في حزب معين، فما اسم هذا الحزب، ردت بالقول إنه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. تقول الطالبة، إن الاستاذ ما إن سمع ردها الصريح حتى رمى لها بطاقتها الوطنية “على وجهها” وقال لها، بالحرف، كما روت لوسائل الإعلام : باركا علينا من الخطبة السياسية ديالك. أنتم الاتحاديون “كتجيوا باش تديروا السياسة في الجامعة”. وختم مطالبا إياها بالانصراف : ” نوضي الله يعاونك” .ا….
قالت الطالبة ما معناه إن كلام الأستاذ فاجأ زملاءه أعضاء اللجنة وأحرجهم، خاصة عند ما توجهت إلى اللجنة مؤكدة أنها في مقابلة لاجتياز اختبار التسجيل في الدكتوراه، ويجب أن تكون الأسئلة حول موضوع الأطروحة التي تقدمت بها وليس حول انتمائها السياسي.
وتوعدت، فيما بعد، بالتوجه إلى المحكمة الادارية للطعن في قرار اللجنة الجامعية و بممارسة كل أشكال “النضال” الطلابي من أجل الحصول على التسجيل في الدكتوراه.
هذا ما صرحت به الطالبة الشريفة لومير. وبينما سجل المتتبعون “صمت” وزير التعليم العالي البنكيراني حول هذا الموضوع بادر عميد الكلية، حسب بعض المنابر الإعلا مية إلى التأكيد على استقلالية اللجان الجامعية وعلى كفاءة ونزاهة أعضائها وأن أشغال اللجنة المعلومة تمت في أحسن ظروف “الشفافية” وأكملها، وأن الطالبة المعنية تم استقبالها هي و زملاؤها في نفس الظروف التي استقبل فيها الطالب الشوباني. سواء بسواء…..دون أن ينفي سؤال عضو اللجنة للطالبة عن اسم الحزب الذي تنتمي إليه..
أما حبيبنا الشوباني فقد فَنّدَ كل ما ادعته الشريفة و “كشف” خمس “كذبات” فيما صرحت به الطالبة المحتجة.
فالوزير اعتذر عن تأخر وصوله إلى الجامعة في موعد التاسعة صباحا بسبب حضوره أشغال مجلس وزاري. ولم يصل إلى الجامعة إلا عند الثانية عشرة وكان يحمل رقم الترتيب 39 وانتظر “واقفا”، فوق الساعة بين الطلبة المنتظرين دورهم قبل أن تتم المناداة عليه.
الوزير انتبه إلى ضرورة تقديم بطاقته الوطنية قبل الدخول على اللجنة فسارع إلى سيارته المركونة بباب الجامعة وأخد جواز سفره والعملية لم تتطلب إلا بضع دقائق….
قضية تخصيص لجنة “على مقاس الوزير كذبة وافتراء على اللجنة العلمية “المحترمة” وعلى الجامعة التي لها حق الرد
والكذبة “العظمى” ــ إن كان يصدق في حق الكذبات تفاوت في “العظمة” هي أن هذه الطالبة لم يكن لها أي صلة باللجنة التي مثل أمامها الوزير الذي كان تخصصه “العلاقات السياسية” ، بينما تخصص الطالبة “الثائرة” كان “العلاقات الدولية” وبالتالي فلم تكن لها صلة بلجنته “المحترمة” ولم تستدع للمثول أمامها إطلاقا……..
وعما راج من “تفاوض” بين الوزير والشريفة، من أجل طي الملف بالتراضي ، فإن الوزير طلب ، فعلا، من أحد مستشاريه الاتصال بالطالبة المذكورة التي كان له سابق معرفة بها، ، فقط، من أجل أن يستبين ما إذا كان ما ورد على لسانها في بعض الجرائد كان صحيحا أن مفترى عليها. وحينما ردت بأن الكلام كلامها، اطمأن قلبه وبادر إلى طي الملف وأمره لله.
ولكن الرأي العام يرى في هذه النازلة نوعا من “الغموض” الذي لا يخدم الوضوح المطلوب في أداء الجامعة والحكومة ، وكان المفروض أن يتم تدخل الجهات المعنية بالشفافية في تدبير الشأن العام ليس فقط، للكشف عن الكذب والافتراء من هذا الجانب أو ذاك، بل لاتخاذ الاجراءات الكفيلة بعدم تكرار ما حدث من أمور تنزع عن الجامعة والحكومة المصداقية الضرورية لكسب ثقة الشعب واحترام الشعب وتفاعل الشعب، إيجابيا، مع مختلف أجهزة الدولة.
بقلم : عزيز الكنوني
