”طنجة المدينة الأزلية العظيمة” بعين ”الحسن الوزان الفاسي.”
جريدة طنجة – يوسف النويني (‘الحسن الوزان الفاسي’)
الإثنين 27 أبريل 2015 – 18:22:13
ازدادَ في غَرْنـاطــة المسلمة من بلاد الأندلس سنة 1483 على أصح الروايات أي قبل سقوط غرناطة بنحو عشر سنوات، عاش فيها رَدًا من الزمن إلى أن سقطت في يد الإسبانيين ، طلب العلم في القرويين في فاس ، تقلد عدة مناصب وعمل مع السلطان محمد الوطاسي الملقب ب”البرتغالي” لشدة ما حارب البرتغاليين وأسندت إليه مهام خطيرة في البـلاط و خــارجه في وَقْت كانَ المغرب خلاله يشكو من عِلّة التقسيم إلى مملكتين في الشمـال والجنوب وإمارات مستقلة في الجهات النائية ، واحتلال بُـرتغــالي _ اسباني لعدد من الثُغـور المغربية على البحر المتوسط والمحيط الأطلنتي .
قــامَ بعِدّة رحلات وهو طفل صغير رُفقة والده الذي كان عَاملا للسُلطان في جمع الضرائب في منطقة الــرّيف و جبــال الأطلس المتوسط، كما كان للمَهام السياسية والديبلوماسية المُسندة إليه آنَذاك الدور الكبير في قيامه برَحــلاتٍ في داخلِ المغرب وخارجه سَجّـل أثنـاءها مُشاهــداته ضمها في كتـابه الجُغْـرافــي .
يقول أبو الحسن الوزان واصفا مدينة طنجة: تدعى طنجة ، يُسميها البرتغاليون “طَنْجيرة“، وهي مدينة عظيمة أزَليــة ، يَزعُم بعض المُــؤرخين _ هذه الرواية خَطـأهـا مُحقّقـًا كــتاب وصف إفريقيا محمد حجي ومحمد الأخضر_أن بانيها ملك اسمه “شداد بن عاد“، حَكم العالم كله وأراد أن يبْني مَدينة تشبه أن تكون فـردوس الأرض، فبنى الســور من البرونز، وجعل سقوف البيوت من الذهب والفضة .
غير أن الثـُـقـاة من المؤرخين يقولون أن الرُومان هم الذين أسّسُوا طَنْجــة على شاطئ المحيط في الوقت الذي كانوا يَحكمون فيه إسبانيا ، ولما حكم القوط إسبانيا ضمّت طنجة إلى سبتة ، إلى أن سقطت بيَد المسلمين .
ويضيف مُؤرخنـا الــوزان واصفا طنجة: ومازالت طنجة مدينة متحضرة شريفة مأهولة بأحسن العناصر من السكان، مُشتملة على قصور جميلة قديمة وحديثة ، غير أن الأرض المحيطة بها لا تصلح لزراعة الحبوب، وإنما يوجد بالقرب منها شعب تسقيه مياه عين جارية، و يَكثُر فيه الحدائق التي تنتج البرتقال والليمون وغيرهما من الثمار . ونشاهد بعض الكروم أيضا بظاهر المدينة .
و يُـردف واصفًا حالها بعد غزو البرتغاليين لأصيلا ” عاش سُكــان طنجة عيشة راضية إلى أن سقطت أصيلا بيد البرتغاليين، وعندما بلغهم الخبر _ الطنجيون_ أخذ كل واحد منهم أثمن ما يملك وغادر المدينة ملتجأ إلى فاس ..فأرسل إليهم ضَابطــًا احتلها بــاسم هـذا الملك إلى أن أرسل إليها الملك أحد أقربائه ، وهي فعلا في موقع هام بسبب قربها من جبال غمارة أعداء النصارى “.
والواقع أن الملك ألفونسو الخامس _يعلق المحققان_ شارك بنفسه في الحملة وأرسل إلى طنجة الدون جواوو فاستولى عليها يوم الأربعاء 11ربيع الأول عام 876 هـ غشت 1471 بتاريخ النصارى .
وقبل سقوط طنجة في يد البرتغاليين بخمس وعشرين سنة، أرسل إليها أسطولا عظيما، مؤملا ألا تتوصل المدينة بأية نجدة، لأن ملك فاس كان آنذاك منهمكا في في حرب ضد متمرد سلبه مكناس، غير أن ظن البرتغاليين خاب، وعقد ملك فاس هدنة مع ذلك المتمرد، وأرسل أحد مستشاريه على رأس جنود كثيرة للذود عن طنجة. فهزم البرتغاليين وقتلوا منهم عددا كبيرا, وكان قائد الجيش البرتغالي من بين القتلى، فنقلت جثته في تابوت إلى فاس، وعرضت في مكان مرتفع ليراها الجميع “.
يُـوضح مُحَققا الكتاب تعْليقـًا على هذه الحادثة نقلا عن الناصري في الاستقصا “ففي شهر صفر عام 841ه غشت 1437أرسل ملك البرتغال إدوارد الأول الدون فيـرنـانـدو على رأس حملة ضد طنجة، وكان أبو زكريا يحيى الوطاسي الوصي على العرش يقود جيْشـًا عرمرما إلى تافيلالت، فرجع إلى طنجة وألحق بالبرتغاليين هزيمة نكراء وأسَرَ قائدهم فيرناندو وأبى أن يسلمه إلا في مُقابل تحرير سبتة التي كانت محتلة من قبلهم، و لمـا رفضَ إدْوارد ذلك سِيقَ ابنه أسيرا إلى فــاس، و وضعَ في قفص من خشب وعرض من أعلى سور فاس، إلى أن مات ووضعت جُتثه داخل جدار المدينة القديمة ،و بعْدَ احْتــلال البرتغاليين لأصيلا وأسرهم للقائد الوطاسي، افتدى هذا الأمير منهم بعض أهله بجثمان فيرنادو .
يُضيف “الوزان ” مُتابعًا سرد تاريخ طنجة في هذه الفترة : اغتاظ ملك البرتغال من هذه الهزيمة، وجمع بعد فترة وجيزة أسطولا آخر لقي نفس الهزيمة وتكبد خسائر جسيمة وأضرارا فادحة، وبالرغم عن كون البرتغاليين هاجموا المدينة ليلا وعلى حين غرة “.
و هُنـا يُعَّلـق المحققان على أبي الحسن الـوزان يَشرحــان ما أشار إليه : “في أحد الربيعين من عام 868هـ دجنبر 1463م قام الملك ألفونسو الخامس بحملة ضد طنجة فكانت كارثة عليه، إذ هاجمه الطنجيون وثارت عاصفة هوجاء في البحر فتكبد بذلك خسائر جسيمة.
ولم يَكُن حَظ حملة مماثلة خرجت من سبتة بأحسن من الأولى ، فـانقلبَ ألفونسو إلى البرتغال مَهْــزُومـًا مَدْحُــورًا .
ويختم مؤرخنا بأن ملك فاس محمد “البرتغالي” صمم على استرداد هذه المدينة، لكنه لم يفلح، لأن البرتغاليين دافعوا عنها دائما بكل حِدّة و قُـوَة .