يبدوأن حكومتنا “الموقرة” هاوية مشاكل، وكأن ما بنا لا يكفيها ولا يكفينا. حكومة “تأس” (تجمع–أصالة–استقلال) التي تواجه مشاكل عدة، وهي تخطو خطواتها الأولى نحو المائة يوم الأولى التقليدية، عند منتصف يناير المقبل..
من تلك المشاكل : الكوفيد” وما “تنسل” عنها من اضطرابات مقلقة وموجهات مؤلمة مع قوات الأمن، والغلاء الذي مسّ عددا من المواد الاستهلاكية الأساس في معاش الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الشعب، والزيادات المتكررة في أسعار المحروقات، وأيضا، مشاكل أساتذة “الكونطرا” وما تعد به من اضطرابات مهددة، كل ذلك لم يشفع للحكومة في الامتناع عن اتخاذ قرارات من شأنها إضافة “مواجهات” جديدة مع الشعب، إلى ما هو موجود، وما هو موجود يشيب منه الولدان !.
الوزير بنموسى لم يكن موفقا، بالمرة، في تعاطيه مع المشاكل التي تخص وزارته، وما أكثرها، ومنها ملف “المتعاقدين” واليوم، الشباب “ لمقصيين” من الولوج إلى مبارات التدريس، وهم بالآلاف لا لذنب اقترفوه، فقط، لأنهم ازدادوا قبل سنة 1091ليجدوا أنفسهم خارج المكان والزمان، والأحلام التي كانت تراودهم في الحصول على عمل ينسيهم سنوات الدرس والتحصيل والبطالة بآلامها وآمالها. ومع أن خبراء القانون أفتوا بعدم مشروعية قرار الوزير الوافد على الحكومة من باب “النموذج” المعلوم، إلا أن السي شكيب أصرّ” وللمرة الألف، على أنه لن “يتزحزح” قيد أنملة من موقفه. وأن 30 يعني 30 ومن لا يرضيه ذلك فليشرب البحر !
وحتى حين ذكروه بأن السن الأقصى يفوق 45 سنة، راوغ كما راوغ كاتب عام وزارة التربية، وأمام 40 مليونا من المغاربة، بأن الأكاديميات لها وضعٌ خاص لا تنطبق عليها قوانين الوظيفة العمومية !.
ولم يتأخر “شباب الإقصاء” (على وزن أساتذة التعاقد) عن النزول إلى الشارع، للتعبير عن غضبهم من قرار بنموسى في العديد من المدن، ومنها عاصمة الشمال تطوان حيث رددوا أناشيد على نغمة أغاني الألتراس التي تندد بالظلم والحكرة والضياع ، ومنها نشيد “في بلادي ظلموني” و“هذي بلاد الحكرة” !…..
كما أن شبكات التواصل الاجتماعي غصت بدورها بالتدوينات الغاضبة والمنددة، بل تعالت أيضا الدعوات لتنظيم مزيد من “المسيرات ” الاحتجاجية بجميع الأكاديميات الجهوية تنديدا بقرار “الثلاثين” الإقصائي والمخيب لآمال عشرات الآلاف من شباب المغرب المؤهلين، المعطلين !
ومن الغريب أن يبرر بنموسى قراره بأنه يندرج في “سياسة الارتقاء بالمنظومة التعليمية” التي جعلها النموذج التنموي الجديد في صدارة أولوياته ، مثلما اعتمدها البرنامج الحكومي“. ويعتمد بنموسى في هذا الاختيار على أقوال بعض “المختصين“ على أن الشروع في ممارسة المهنة في سن متقدمة لا يخلو من آثار سلبية. وهذا اعتقاد لا يخلو هو أيضا من آثار سلبية على أوضاع شباب المغرب المؤهلين ومعنوياتهم بعد الوعود الوردية التي طلع بها برنامج حكومة أخنوش، واعتمدها البرلمان.
وحتى حين اجتمع بنموسى إلى ممثلي المركزيات النقابية في محاولة لدراسة قضايا التعليم ، تشبث الوزير بخيار اعتماد سن 30 سنة كشرط لولوج مهنة التعليم، معتبرا أنه “خيارٌ حكومي” لا يمكن التراجع عنه !
ولعل الوزير غفل عن كون اختيارات الحكومة ليست قرآنا منزلا، وأن المغرب لا يعيش في عهد بوحمارة، وأن منطق التدبير الحكيم لقضايا الأمة يفرض احتياطات احترازية وتنبؤية بغاية توفير حظوظ نجاح القرارات الوزارية وتقبلها من طرف الشعب الذي هو، أولا وأخيرا ، سيد هذا البلد وصاحب الرأي في اختيارات الحكومات التي يعتمدها ، العامل على ضمان استقرار هذا البلد وأمنه وأمانه.
عزيز كنوني