دبجت وزيرة الاقتصاد والمالية، مدام نادية فتاح العلوي، كلمة تقديم ميزانية السنة المقبلة لممثلي الأمة بالبرلمان، بانتقادات لاذعة لحكومتي بنكيران والعثماني، فيما يتصل بتدبيرها للشأن العام، خلال “السنوات العشر” الأخيرة، معتبرة أن السياسات الحكومية ، خلال هذه الفترة، أنتجت “إخفاقات اقتصادية واجتماعية أجهزت على المكتسبات التي حققها المغرب سابقا، وأصبحت عائقا للتنمية عوض أن تكون محركا له، وأن منجزات “السنوات العشر الماضية“، كانت دون انتظارات وطموحات المواطنين، بسبب عدم انسجام مكوناتها، و ضعف معدل النمو ومعدل المديونية وارتفاع معدل البطالة.
وكان مثيرا للانتباه، إصرارُ الوزيرة على الإشارة، مرات عديدة في مقدمة “خطابها” “الطويلة” أمام نواب ومستشاري الأمة، إلى فترة ولايتي العدالة والتنمية، بقولها، “طيلة عشر سنوات“، “منذ عشر سنوات“، و“على مدى عشر سنوات“، “خلال العشر سنوات الماضية“، “على مرّ السنوات العشر الأخيرة“، وهلم جرا !.
ومما يثير العجب، أن الوزيرة التي كانت، نفسها، عضوا في حكومة العثماني ما بين 2019 و 2021، وزيرة للسياحة، تغافلت، ربما، في “جذبتها” ضد “ولايتي “البيجيدي” عن التذكير بأن حزبها الذي “أشبعته” مديحا وثناء وتمجيدا، شارك في حكومتي بنكيران والعثماني بحقائب وزارية وازنة ومؤثرة، على سبيل المثال، وزارة الشؤون الخارجية، والاقتصاد والمالية، والفلاحة والصيد، والصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ووزير مغاربة الخارج وشؤون الهجرة، إضافة إلى حقيبة وزيرة منتدبة في الشؤون الخارجية، ووزير منتدب في الصناعة والتجارة، مكلف بالتجارة الخارجية، ووزير منتدب في الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي مكلف بالمقاولات الصغرى وإدماج القطار الغير منظم..
والمثير في الموضوع، أن القطاع الغير منظم، الذي اعتبرته مدام العلوي “إخفاقا” من إخفاقات “السنوات العشر“، العجاف، كان يتولاها في حكومة بنكيران السيد مامون بوهدود، وهو من “كفاءات” حزب “الأحرار” !
وبعد الإبعاد الذي أشيع أنه كان “مخدوما“، لبنكيران تولى “الأحرار” حقائب وازنة في حكومة العثماني الأولى وهي وزارة العدل، والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، والشبيبة والرياضة، وكتابة الدولة في الفلاحة مكلفة بالصيد البحري، وكتابة الدولة مكلفة بالسياحة.
وفي الحكومة العثمانية الثانية، بعد ثالث تعديل خلال الولاية التشريعية 2016 – 2021 وكانت في الترتيب الحكومة الثانية والثلاثين منذ الاستقلال، عادت للأحرار ثلاث وزارات هامة: الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة والصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي.
وبالتالي، فكيف نتحدث عن “إخفاقات” ننسبها لحكومات “السنوات العشر“، والحال أن شخصيات سياسية من أحزاب العدالة والتنمية، وحزب الاستقلال، والتقدم والاشتراكية، والأحرار، والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري وعدد من “البدون” شاركوا في حكومات العدالة والتنمية الأولى والثانية لبنكيران والأولى والثانية للعثماني. فكيف نفهم ادعاءات الوزيرة “التجمعية” أن وزراء “الأحرار“، تحملوا مسؤولياتهم بشكل جيد “وكما يجب” بدليل “الإنجازات الملحوظة“. وأن ما كان ينقص هي “الرؤية الشمولية” و“التنسيق بين القطاعات“. !!!
“الأحرار تولوا وزارات “قوية” ومؤثرة، فكيف أنهم لم يقووا على التأثير في السياسات الحكومية المعتمدة خلال هذه الفترة” تفاديا لما اعتبرته “إخفاقات اقتصادية واجتماعية” أجهزت على المكتسبات التي حققها المغرب في السابق“. إذ أن حكومات “السنوات العشر” الماضية كانت كلها حكومات ائتلافية، وبالتالي فإن كان من نجاح فللجميع، ومن فشل وإخفاقات، فالجميع يتحمل نتائجها و تبعاتها ووزراء “الأحرار” لم يشتغلوا في “جزر معزولة“، بكل تأكيد.
عزيز كنوني