محـاربـة الفَسـاد .
جريدة طنجة – عـزيـز كنــوني ( “الفساد” )
الجمعة 20 أبريـل 2018 – 11:34:28
تدخل “محمد بن عبد القادر”، الاسبـوع المـاضي خــلال ندوة حول إصلاح الإدارة، ذكرني بمقولة الفرنسي “جورج كليمنصو Gueorges Clemenceau 1841 – 1929)) “إذا أردت أن تقبر قضية” شكل لها لجنة !”…..
حديث وزير إصلاح الوظيفة العمومية كان، بالضبط، يدور حول “استراتيجية محاربة الفساد” التي شكلت لها الحكومة لجنة أواخر سنة 2015، وأوكلت إليها أمر محاربة الفساد أمرها ليتبين، خلال أول لقاء أعضاء اللجنة، أن الاستراتيجية التي تشمل 239 مشروعا و 10 برامج، يصعب تطبيقها من الناحية العملية.
تلك الاستراتيجية التي قال عنها العثماني إن الحكومة تملك بشأنها “رؤية وإرادة سياسية واضحة لمواصلة “تخليق” الحياة العامة ومكافحة الفساد وإغلاق كل أبوابه ومنافذه، ليس عن طريق الشعارات، بل بالإنجازات العلمية والخبرات الضرورية، في إطار “استراتيجية” وطنية يساهم فيها الجميع.
غير أن الوزير المكلف بتنفيذ تلك “الاستراتيجية ” — ما دامت هذه الكلمة تغري المسؤولين باستعمالها –كشف للرأي العام أنه يصعب تنفيذها عمليا، ويتطلب الأمر مراجعتها قبل الشروع في إمكانية وضع مخطط لتنفيذها أو لـ “تنزيلها” وفق لغة الوزراء والبرلمانيين وكبار المسؤولين.
لماذا، لأن هناك الكثير من المشاريع التي تتطلب إشراف كل وزير في قطاع معين على مشاريع “أفقية” تخص وزارته والمتداخلة مع قطاعات أخرى”، بمعنى أنه سوف يكون على كل وزير معني بتنفيذ الاستراتيجية، أن يتعامل مع غيره من الوزراء في لقاءات مكاشفة ومدارسة ، وهو أمر صعب، اعتبارا إلى أن تصور الحكومة نص على أن مهمة تدبير مشاريع محاربة الفساد موكولة إلى الوزراء في حين أن تلك المشاريع “أفقية” متداخلة، تلتقي عندها قطاعات أخرى….
قد يكون الخل في تشكيل “لجان” قطاعية داخل لجنة الاستراتيجية الكبرى ، تضم الوزراء المعنيين بالقطاعات المتداخلة، شرط أن تتحدد الأولويات التي لت تحددها “الاستراتيجية” “الأفقية” التي وضعت لتطبيقها أفق 2018 – 2025.
وأمام صعوبة الإحاطة بالجوانب “الأفقية” للاستراتيجية الحكومية فقد اقترح الوزير المكلف بإصلاح لردارة والوظيفة العمومية على رئيس الحكومة الدعوة إلى اجتماع “استثنائي” للجنة الوطنية بهدف تعديل الاستراتيجية وملاءمتها ودمج ما يلزم دمجه من المشاريع داخل “اجتماعات” قطاعية من بينها مصالح الدرك الملكي والأمن الوطني والعدل، من أجل تحديد “المخاطر الكبرى” والمخاطر المتوسطة والمخاطر الدنيا، للفساد والرشوة، في الإدارة العمومية ، لأنه لا يجمل الجمع بين هذه المخاطر على مستوى واحد، كما حصل في “الاستراتيجية” الوطنية لمحاربة الفساد، بحيث سوف يكون مطلوبا من اللجنة الوطنية تقريرا يتضمن نقاطا واضحة حول المشاريع التي ينبغي تجميعها والأولويات التي يلزم التقيد بها ، وذلك عند نهاية السنة الجارية.
لننتظر إذا، نهاية السنة، لنرى خاتمة الاستراتيجية العجيبة التي تمت المطالبة بمراجعتها وتعديلها قبل الشروع في “تنزيلها” . وقد تشكل لها، مستقبلا، لجان قطاعية للبرامج “الأفقية” التي جاءت بصيغة الشعارات التي رفعتها، ومنذ زمن طويل، المنظمات الأهلية، والسياسية والنقابية والمجتمعية، للمطالبة بمحاربة الفساد بكل أنواعه وأشكاله ومواصفاته، الفساد الإداري والفساد المالي والفساد السياسي والفساد التنظيمي والفساد الاقتصادي.
للتذكير فقد تضَمَّنت “الإستراتيجية الـوطنية لمحــاربة الفساد ” عشرة برامج تخص تحسين خدمة المواطن، والإدارة الاليكترونية، والأخلاقيات، والشفافية، والوصول إلى المعلومة، والصفقات العمومية ، والرقابة، والمساءلة، وتقوية المتابعة والزجر، ونزاهة القطاع الخاص، والتواصل والتحسيس، والتربية حسب أربعة مجالات: تحول تنظيمي، وتحول تدبيري، ورقمي من خلال إدماج الثورة الرقمية في الثقافة الإدارية، وتخليقي، وإعادة النظر في أسلوب تدبير الدولة للموارد البشرية.
ووفق بيانات مؤكدة، فإن ملفات الفساد المحالة سنويا عل المحاكم تقدر بحوالي سبعة آلاف ، بينما تم اكتشاف، ما بين 2012 و 2016، وجود 3000 موظف شبح، تم التشطيب عليهم جميعا، في إطار “منهجية لضبط الموظفين المتغيبين بطُرق غير قـانــونيـة”.