طنجة في موسم «الجودة» «العمران» بعد «الغابة»
جريدة طنجة – عزيز گنوني
الأربعاء 08 أبريل 2015 – 16:47:11
وكان رد فعل المسؤولين بالمدينة ، كالعادة، تمجيد الذات واعتبار أن الجائزة مستحقة، حتى بعد أن تم إتلاف ثلثي المساحة الغابوية على مر السنوات الطويلة الماضية، وتم تدمير الباقي بالوسائل المعروفة، بل إن «الكرم» الغابوي على طنجة اعتبر أنه تقدير لـ «المجهودات» المبذولة من أجل صيانة «الموروث» الغابوي وهو ما اعترض عليه مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، واعتبر أنه عمل غير مستحق وأن واقع المجال الغابوي بمدينة طنجة لا يمكن أن يصبح نموذجا يحتدى به على المستوى الوطني.
ويرى المرصد أن هذه الجائزة، لو حصلت بعد الفراغ من إنجاز مخطط «طنجة الكبرى» لما اشتمل عليه من مشاريع تخص المجال الغابوي، لكان للجائزة طعم خاص ونوع من المصداقية لدى السكان !
هذا ما قاله خبراء المرصد الذين أقاموا الدنيا، ومنذ سنوات، عبر إصدار بيانات وتوجيه مراسلات ونداءات إلى من يهمهم الأمر من أجل حماية المجال الغابوي لطنجة الذي يحتضن الآلاف من أصناف الحيوان والنبات ويشكل فضاء بيئيا متميزا على الضفة الجنوبية للمتوسط.
بيان المرصد الذي تم نشره على نطاق واسع في الصحافة الوطنية، اعتبر أن واقع المجال الغابوي بطنجة «واقعا مترديا» لا يمكن أن يكون محل «تتويج» أو أن يصبح «نموذجا» يحتدى به على المستوى الوطني !
وفي نَظر خُبَـراء المَرْصد و مَعهُــم عدَد من المنظمات الأهلية، فإن «التكرم» على مدينة طنجة بجائزة «المدينة الغابوية» وغابة الرميلات بـ «لواء الاستقبال»يمكن أن يعتبر نوعا من «تبييض غير مفهوم» لمرحلة تقتضي «المساءلة والمحاسبة» !!! حول الوضع المتردي لغابات طنجة من إتلاف وتدمير وتخريب واعتداء على الأشجار وبناء «عشوائي»….. ويمكن اعتبار غابات الراهراه ومسنانة والرميلات نموذجا لهذا النوع من «التدبير الفاشل» للملك الغابوي !
وحيث إن «المصائب لا تأتي فرادى «كما يقول المثل الفرنسي» الشهير، أعلن الأسبوع الماضي عن فوز الوكالة الحضرية بطنجة وللمرة الثانية على «لواء الجودة» العالمية ISO 9001 التي تشهد بمطابقة الوكالة لمواصفات الجودة العالمية ، هذه الجودة التي يفتقر إليها في تعاملهم مع الوكالة، العديد من سكان طنجة البالغ عددهم 900 ألف، حسب الإحصاء الوطني الأخير، ولربما وقع لبس في تركيب الإحصاء بالنسبة للمناطق الحضرية لهذه المدينة، التي لابد وأن يكون عدد سكانها قد تعدى المليونين !
خبر الجائزة «أثلج صدور» المشاركين في الاجتماع الخامس عشر للوكالة الحضرية لطنجة، بحضور الوزير الخالد، العنصر الذي خصص لدراسة «منجزات» السنة الماضية والتخطيط لما سوف يتحقق من «منجزات» بالنسبة للسنة الحالية.
وتميز الاجتماع كغالبية الاجتماعات الكبرى بحضور الوزراء، بــ «المصادقة»على التقريرين الأدبي والمالي وبرنامج التوقعات للسنة الحالية التي مضى منها ثلثها الأول، وعلى ميزانية 2015.
وبنفس الطريقة، ــ أعني المصادقة بالإجماع،ــ تم اعتماد تَوْصيــات تهم الزيادة في الثمن المؤدى للحصول على بطاقة المعلومات (300 درهم بدل 200) وبناء المقر الجديد للوكالة . واستثناء، وقع تأجيل دراسة توصية تخص تمكين الوكالة من إنجاز مشاريع التعمير.
وحتى تقتنعوا بأن كل شيء يسير على ما يرام في الوكالة، وفق توصيات السيدة «إيزو» فقد أعلن أن هذه المؤسسة «تمكنت» خلال سنة 2014 من دراسة 2.720 ملفا من ملفات رخص البناء والتجزيء إضافة إلى 4,159 ملفا لرخص البناء بالأحياء «الناقصة» التجهيز. !…..
ومن «التحف» التي وقع تداولها خلال هذا الاجتماع أن تجربة طنجة في مكافحة تنامي السكن الغير اللائق ــ العشوائي بلغتنا نحن ــ تعتبر «ناجحة جدا» في إطار «الجهود المبذولة» من أجل تحسين المشهد الحضري والعمراني وضمان استدامته.
وهكذا يعود الوزير إلى مكتبه وهو مقتنع بأن قضايا التعمير بطنجة تراكم النجاحات وأن تجربة هذه المدينة في ما يخص الحزام العشوائي الذي يحيط بها ويقطع أنفاسها ويتقاطع مع مخططاتها الإنمائية، يمكن اعتبارها تجربة «ناجحة رائدة» وأن لا شيء يمكن أن «يشوش» بال الوزير بخصوص التعميروالتشييد بطنجة، وأيضا بخصوص الحزم الذي تواجه به عمليات الدك والهدم للبناء «العشوائي» في المناطق «الناقصة»التجهيز أو المنعدمة التجهيز!
الغريب أن حصول طنجة على جائزة المدينة الغابوية بامتياز، وغابة الرميلات على درع غابة الاستقبال والوكالة الحضرية على شهادة «إيزو»، لم يقابل بمظاهر الابتهاج والفرح الذي كان منتظرا، ولو من باب «المفاخرة» بين المدن وسكانها، ولابد أن يكون لهذا «العزوف» عن الفرح، ما يسببه، …..
«وليس الخبر كالتبحصيص» ! يقول المثل.
فلو وجد المواطنون في الغابات ولدى الوكالة ما يستحق الجوائز والأدرع والشهادات، لسارع إلى رفع الرايات، وتنظيم المواسم والمهرجانات وتقديم القرابين والذبائح للأولياء والسادات…….
ولكنه العبث الذي لا تنطلي حيلته على أحد .
وأرجو أن يتأكد من بيدهم الأمر أننا لن نفاجأ غدا لو حصلت طنجة على شهادة المدينة الأجمل في العالم، أو المدينة الآمن والأسلم في العالم، أو على جائزة المدينة الخالية من التلوث، والشاطئ الآمن مائة في المائة، أو المدينة التي يعتبر سكانها الأسعد بين سكان مدن العالم !!!!.
لن نفاجأ، لأن «مفاجأة» المدينة الغابوية، أفقدتنا لذة النجاح ورسخت بداخلنا الشعور بأن كل ما يحدث أمر «مفتعل» ومعد مسبقا «لكل غاية مفيدة» !!!!…..
_____________
بقلم : عزيز كنوني
azizguennouni@hotmail.com



















