أخيرا.. زلزال المحاسبة ينطلق من الريف
جريدة طنجة – محمد العمراني ( زلزال المحاسبة )
الخميس 02 نوفمبر 2017 – 10:36:54
منذ هذا التحذير المَلكي، سادَ التـرقُـب حــول التوقيت الذي سيمر فيه ملك البلاد إلى التنفيذ، حتى حل يوم 24 أكتوبر الجاري، الذي أعلن فيه الملك قرار معاقبة الوزراء والمسؤولين الذين تبث تورطهم في تأخير مشاريع الحسيمة منارة المتوسط، ولذلك سيظل هذا اليوم يؤرخ للشروع الفعلي في تنزيل مبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، والذي ظل يتردد في أكثر من خطاب ملكي، منذ إقرار دستور 2011.
ماهي الرسائل المنبثقة إذن عن قرارات 24 أكتوبر 2017؟..
في الشق المتعلق بملف “الحسيمة منارة المتوسط”، فإن ملك البلاد وجه رسالة واضحة لكل من يهمه الامر أن “للي فرط يكرط”، وأنه عندما أمر بتكليف المفتشيتين العامتين لوزارتي الداخلية والمالية للقيام بتحقيق حول أسباب تأخر مشاريع تأهيل إقليم الحسيمة، وبعد إحالة مضامين التقرير على المجلس الأعلي للحسابات للتدقيق فيه ورفع خلاصات واستنتاجات بشأنه، فإنما للتأكيد على أن المحاسبة آتية لا ريب فيها، وأن من كان يراهن على الوقت لطي هذا الملف دون معاقبة المخلين بمسؤولياتهم، فإنه كان يراهن على السراب..
فقرارات 24 أكتوبر أكدت بالملموس أن الملك دائم الإنصات لشعبه، وأن ساكنة الريف الريف حينما اشتكت من تأخر إنجاز المشاريع التي أشرف الملك على إعطاء انطلاقتها، فإنه التقط شرعية مطالبهم، ورتب عنها الجزاء في حق كل من تبث تورطه، وفي ذلك رسالة واضحة لكل الذين يتقنون الاصطياد في المياه العكرة، مفادها أن منطقة الريف تحضى بكريم عنايته، وانه لم يتسامح مع كل أساء لها ولساكنتها..
الرسالة الثانية مفادها ان الزلزال الذي ضرب حكومة العثماني، إذا كان منطلقه من منطقة الريف، فمن المؤكد أن له ارتدادات قوية ستعم كامل التراب الوطني، وستضرب جميع المسؤوليات والمؤسسات التي تبث فيها أي خلل أو تقصير…
وترتيبا على ذلك، فإن كل مسؤول يجب أن يعرف ان تعيينه على رأس مؤسسة أو إدارة معينة ليست ريعا، وأنها ليست بقرة حلوب تدر عليه الأموال الطائلة، بقدر ما هو تكليف ومسؤولية يتقاضى عنها أجرا، مقابل حسن الأداء وشفافية التدبير، وأن اي خلل يعرض مرتكبه للمساءلة…
الرسالة الثالثة: الملك بمعاقبته لوزير الداخلية، بما راكمه من مسار طويل كرجل دولة من العبار الثقيل، إنما هو رسالة واضحة مفادها أنه عندما يتعلق الأمر بمصالح الوطن وبحقوق الشعب فلا حصانة لأحد، ولا احد فوق العقاب…
الرسالة الرابعة مضمونها أن زمن الفوضى قد ولى وجاء وقت الحساب، فالملك قال بصريح العبارة: “إننا لا نقوم بالنقد من أجل النقد، ثم نترك الأمور على حالها. وإنما نريد معالجة الأوضاع، وتصحيح الأخطاء، وتقويم الاختلالات.
إننا نؤسس لمقاربة ناجعة، ولمسيرة من نوع جديد. فما نقوم به يدخل في صميم صلاحياتنا الدستورية، وتجسيد لإرادتنا القوية، في المضي قدما في عملية الإصلاح، وإعطاء العبرة لكل من يتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام.
وبصفتنا الضامن لدولة القانون، والساهر على احترامه، وأول من يطبقه، فإننا لم نتردد يوما، في محاسبة كل من ثبت في حقه أي تقصير، في القيام بمسؤوليته المهنية أو الوطنية.
ولكن الوضع اليوم، أصبح يفرض المزيد من الصرامة، للقطع مع التهاون والتلاعب بمصالح المواطنين”.
فبعد أن مست هيبة الدولة، وساد الاعتقاد أن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة معطل، أو غير قابل للتزيل، جاءت رسالة الملك واضحة لكن من يهمه الأمر، وعلى الجميع اتخاذ العبرة مما حدث، وإلا فإن سيف العقاب لن يرحم أحدا…
ملحوظة:
التجاوب العارم للشعب المغربي مع قرارات الملك التي طالت المتورطين في تأخر مشاريع الحسيمة يؤكد كم هو رائع هذا الشعب، وكم هو متعطش للإصلاح ومعاقبة المفسدين…














