…والعاقبة للمتقين…
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( .المتحكم في المجتمعات. )
السبت 28 أكتوبر 2017 – 15:55:47
ـ إنّهم يجـربـــون في هذهِ الشراذم المتناحرة كل أنـــواع التفرقة.
ـ لم تعُد الشجاعة تنفع أمام زر يضغط عليه جبان…
كن أيًــًا من طوائف الشمال أو الجنوب والشرق والغرب، فإنك ابن هذه الأرض وهي تراب وكل ما فوق التراب تراب كما قالت المتصوفة رابعة العدوية رحمها اللّه. وجاء بعدها رجال ونساء… زهّاد، ومتصوفة وواصلون ليس بينهم من كان عاشقا لجسد امرأة أو مفتونا أو مسكونا بنزعة عاهرة داعرة. وهو يفتي في المسلمين بغيرما أمر اللّه ورسوله وكثيرا ما أفتى بما أمر اللّه ورسوله ولكنه كان يفتي بالباطل، أو بخادع من القول، أو بما يستبيح ويبيح لنفسه، أو بما يستجيب لرغباته، ويلبي نزواته ويشبع غرائزه الحيوانية.. جاء رجال ونساء ليس بينهم من كان عابداً لجسده أو لجسد من يحب… وليس معتوها.. ثم تغير الحــال فـــأصبحت المدرسة مدخنة ومحششة وحملة الأمشاط و موسات الحلاقة.. والشارع مفرغاً لمكبوتات المقهورين الجانحين معرضاً لمعارك السيوف واقتناص المارة.
وأبواب الأبناك والأكشاك ومحلات تحويل الأموال إلى فغاخ للصيد السمين، ولكل أفاقٍ أثيمٍ وضحية هذه الدراجات النارية الصينية التي ابتلينا بها… وأي بلاء…. فساحة المتخلفين سوقا رائجة لنفايات المتقدمين وهي حقل تجارب، ومطرح ومدفن نفاياتهم الإشعاعية الخطيرة، وأي شراكة بين متقدم ومتخلف؟.. وأي اتفاق تعاون يمكن أن يجمع الأضداد. إنهم يجـربــــون في هذه الشراذم المتناحرة كل أنواع التفرقة، وسوق سلاحهم تبور إذا لم تجد طوائف، وعشائر، وملل تتناحر وتتقاتل، ومن أجل إيجاد اليد التي تحمل السلاح سَخروا الأطفال لدخول غِمَار لعبة الموت… يسخرون منا حتى في مواسمنا، يـــزودون أطفالنا في دور الحضانة والمدارس بلعب سلاح تصدر أزيزا كأزيز الرّصاص، وآليات تشحن فكأنها آليات تقذف حِما، ومع كل ذلك تروج شهبا تأتي من الصين، ومن دول تروج لأطروحات حقوق الإنسان… والسلام، والأمن… ونحن نبتلع كل ما يأتي بشهوانية، وعدوانية… ومع التاريخ القديم البائد بكل شعره وعُنفوانهِ والخيل المُطهّمة، وداحس والغبراء استبدلنا زمنا غير الزمان ولم تعد الشجاعة تنفع أمام زرّ يضغط عليه جبان في غرفة مغلقة مصفحة في فلاة مترامية الأطراف… أو معلقة بالسحاب في السماء الدنيا، أو غارقة في أعماق البحار… فأين الشجاعة في صاروخ يطير أو قذيفة مدمرة، أو عاصفة تمد البحر مدّاً؟…
وأين الذين ناجـــوا النجـــوم فلم يحسبوا أنهم سيطؤونها يوما فيما يشبه أفلام الخيال العلمي الذي أصبح واقعاً نعيشه، وفضاء نلمسه، وعالما تفلسفوا حوله فإذا هو مادة. وعناصر حياة تسري، ومختبرات تبحث عن المزيد، وتريد للإنسان أن يحيا بلا حدود… ويعيش دون نهاية… في هذا الخِضَم تكون مصائب قوم عند قوم فوائد، وبدل أن يعيش الناس هذا الغد المؤمل ينقلبون إلى كواسر وإلى جوارح تستمد الحياة من ذوات وعفونات الآخرين… وصدق من قال: “إن الناس في دنياهم كالحيوانات في الغابة… فمنطق القوة هو السائد… والقوي هو من يملك فرص وإمكانيات الغالب”… وقد قال الفوهرر أدولف هتلر: «إن الحق على أفواه المدافع» هو إذن منطق القوى… ولغة الغالب، بل وأصبح حجة الضعيف لاكتساب القوة، ولمواجهة أي عدوان أو اعتداء أو مس بالتراب، والأرض، والوطن، لقد انتصروا في الحرب فاكتسبوا صفة أعضاء دائمين في مجلس الأمن…يحكمون… ويصادرون الصوت الآخر حتى ولو كان صوت مظلوم يجأر بالشكوى… ولكنه حق النقض الذي يملكه الأقوياء… فهل للضعفاء من وجود؟
وهل يحاربـــون بلعب الأطفال التي تطلق شعاعاً وصوتا أشبه بصوت الرصاص؟… أم يهبون سيادة الأرض للكبار؟… أو يطبقون شروط صندوق النقد الدولي.. والبنك الدولي، وباقي الصناديق التي يهيمن عليها الكبار فيعيشون فقرا مُدقعاً، ويدفعون إلى الاحتقان الاجتماعي والسياسي وتردي الوضع الاقتصادي؟!… وسنعيش سنوات عِجاف فيما لو استمر حالنا على نفس الوتيرة، ولم تنتفس الصعداء، سنظل أسرى على رذائل الغرب وعبدة الشيطان لو ظل هوانا قائد سلوكنا… لو طل ضم الشهوات معبودنا… فلنكن من شئنا وما شئنا ولكننا يجب أن نجتث رؤوس الفساد بإلغائها من التاريخ وقذفها في مزبلة الأيام والأزمنة المتوالية، فتلك الأيام يداولها اللّه بين الناس وهي كحبات السبحة… تجري سراعاً إلى يوم لاريب فيه وصدق الله تعالى حينما يقول : والعاقبة للمتقين…”.















