محمد العطلاتي ..
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( الجهوية )
الخميس 13 شتنبر 2017 – 18:03:57
و بغض النظر عن اختلاف المناهج و التصورات التي يتبناها الجميع، فإن هذا الحديث ربما كان عاكسا، على الأقل من الناحية الشكلية، مقدار ما حققته حرية التعبير السياسي بالمغرب من تقدم، تقدمٌ قد يراه البعض بطيئا، وقد يراه آخرون سائرا بخطوات أسرع من اللازم.
اليوم، و نحن نسير على نهج الجهوية المقررة بموجب القانون الوطني، من حق الجمهور، بواسطة نخبه السياسية و أُطُرِه القانونية، أن يتساءل عن مقدار الانسجام الحاصل داخل الجهات الإثنى عشر، و هل تملك هذه “الوحدات” مقومات الاستمرار و تلبية حاجات سكانها ؟، و هل يجوز الاعتبار أن هذه الحاجات لا تبدأ إلا بالاستثمار في الموارد الإنسانية و لا تنتهي إلا بتحقيق التنمية الشاملة، باعتبارها غاية كل عاقل ؟
إنها أسئلة تكتسب صفتها المقلقة اعتبارا لطبيعة الفلسفة السياسية التي تؤطر عمل الجهوية المغربية، و هل تملك “الجهوية”، في حُلَّتها المحلية، نظرية فلسفية حقيقية ؟ أم أن الأمر ، في حقيقته، لا يعدو كونه مجرد شكل من أشكال التقسيم الإداري المقتبس من مراجع القانون الإداري الفرنسي؟ وهل نتوفر حقيقة على بيئة جهوية متكاملة العناصر، بيئة بإمكانها أن تشكل حضنا يتناسق فيه عمل العناصر الاقتصادية، الاجتماعية تحت “رعاية ثقافية” يُفْترض أن “المفهوم الجديد للجهوية” قد أعدها بعناية علمية بالغة ؟
الأجدر بنا جميعا أن نقدم إجابات مقنعة حول هذه الأسئلة، و غيرها كثير طبعا، مما قد يطرحه الناس، بصورة مباشرة و صريحة في أشغال الندوات و المحاضرات الدراسية، أو بصورة ضمنية من خلال التساؤل عن طبيعة الإضافات النوعية التي ينتظرونها من هذه الكائنات القانونية المسماة “جهات”، لأن الإجابات الصحيحة عن هذه الأسئلة، وحدها الكفيلة بالانتقال بوضعنا الإداري المسمى “جهوية”، من حالة الارتجال و الارتباط العميق بثقافة المركزية إلى حالة الفاعل المؤثر ، الفاعل القادر على إبداع فرص حقيقية للارتقاء اعتمادا على إعمال الفكر المبدع الخلّاق، بدل التعامل مع موضوع الجهوية بعقلية التبعية للمركز، بل و التشبه به .
إذا كانت مجالس الجهات، في النظام الإداري الحالي، تفتقد في عملها للإطارات القانونية الضرورية ، فهذا موضوع قابل للمعالجة، و إذا كانت في حاجة إلى تعديل القانون، أو ربما حتى الدستور ، فهو أمر متاح في كل لحظة و زمان، لكن حينما تكون الجهات، بالمفهوم الذي أحدثت به قبل بضع سنوات، في حاجة إلى إرساء ثقافة الجهوية بأبعادها و امتداداتها المختلفة، فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدا ، و التعقيد المقصود هنا لا صلة له بالموارد المالية، بل بالإجابة على سؤال مركزي يقول : كيف يمكن الانتقال بمجتمع يشكو القروية و يعيش على الانقسامية إلى مجتمع جهوي تؤطره ثقافة جهوية ؟


















