دفاعا عن حقّ المرأة في ولوج عالم العدالة الشرعية ..
جريدة طنجة – سمية أمغار ( المرأة عادلة شرعية )
الخميس 20 يوليوز 2017 – 17:41:39
وهكذا فإن احتكار “الذكورية” المتوحشة لمهنة العدول سيرفع قريبا لأنه ينتسب لعالم مضى واندثر، كما نتمنى، ولمفاهيم ثقافية لم تعد تصمد أمام التغيرات المجتمعية التي شهدها العالم الذي أقر بالمساواة التامة الكاملة بين الرجل والمرأة و وضع جانبا، ما اعتمد عليه “مفكرو” الأزمنة الغـابـرة من خصوصيات طبيعية وفيزيولوجية نوعية، تعطي “القوامة” في كل شيئ للرجل على حساب المرأة.
الخطوة التي أقدم عليها الوزير الشاب أوجار يمكن اعتبارها “سابقة” في المغرب وفي عدد من الدول العربية و “الإسلامية” حيث إنها تضع عقارب الساعة المغربية على توقيت الألفية الثالثة، وتعطي الدليل على أن المغرب رفع فعلا كل تحفظاته السابقة والمتخلفة على مختلف المواثيق الدولية المتعلقة بالمساواة الكاملة بين المرأة والرجل ونبذ كل أشكال التمييز ضد المرأة.
وطبعا، لابد وأن تتحرك “جيوب” المقاومة المتخلفة لترفع شعار الدين والشريعة السمحاء من أجل أن تنسف هذا المشروع الحداثي الذي يشرف المغرب الجديد، إلا أن مساعي تلك الجيوب “الفارغة” إلا من “إنا عكسنا”، لن تفلح في ثني دعاة التحديث والتطوير عن السير إلى الأمام على طريق المستقبل حفاظا على التوازنات المجتمعية التي تتطلب جهود الرجل والمرأة سواء بسواء، وذكاء وعبقرية الجنسين الضروريين لاستخلاف الإنسان على وجه الأرض واستمرار البشرية إلى ما شاء الله سبحانه وتعالى ..
والمتصفح لقوانين مهن العدالة يفاجأ بأن شرط الجنس غائب في مجملها لممارسة مهن القضاء والمحاماة والتوثيق ومهن المفوضين القضائيين والنساخة والتسجيل على جداول الخبراء والمحلفين، إلا مهنة العدالة التي تشكل استثناء، على مستوى الممارسة، بسبب “سلوك” عرفي، لا مبرر له قانونا.
وقد أشارت القاضية المتألقة الأستاذة رشيدة أحفوظ في مقالة نشرت بجريدة “الأحداث المغربية” إلى موضوع ولوج المرأة إلى مهن العدالة، على ضوء القانون 03/16 المتعلق بخطة العدالة بل وذكرت بأنه تم تقديم توصية بهذا الشأن خلال مناقشة ودراسة خطة العدالة، إلا أن المشروع المصادق عليه تجاهل الأمر وقيل بسبب وجود عوائق ثقافية ودينية، بالإضافة إلى الأعراف والتقاليد.
إلا أن سيرورة الأحداث دفعت في اتّجـاه نبـذ العـــديد من المفاهيم المتوارثة و إلى إعطاء تأويل مُتَجَدّد لبعض الأحكام “الشرعية” بخصـــوص المرأة ، وفـق الأسباب و الأوضـاع المجتمعية السائدة في كل عصر من العصور والمعرفة الحقيقية و المعمقة بـأسبـاب النــزول و مقـاصد الشرع الحنيف، إضـافـة إلى تغير نظــرة المجتمـع إلــى المــرأة التي أعطت ألف دليل ودليل على نبوغها وذكائها وكفاءتها وقدراتها العالية لتحمل أكثر المسؤوليات دقة وحساسية وصعوبة وخطورة في سلم مناصب الدولة وإدارات العالم الخاص.
و بـالتـالي فلا مـانـعَ بعد اليوم من أن تترشحَ النّسـاء لمنـاصب العدالة ولسوف يشهد هذا القطاع طَفرة سعيدة من الإنجــازات بفضلِ المــرأة ، وسيقطع مع الصورة “النَمَطية” للعدول وما يرافق ممارسة هذه المهنة من سلبيات..