كفى عبثاً فالمسؤولية مشتركة…
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( تحقيق )
الأربعاء 12 يوليوز 2017 – 15:32:50
• غـابـة تفوت…وأخرى تُحرق… فماذا بقي لطنجة سوى البحار والشّواطئ المُلَـوّثــة ؟!…
• الجهل هو الجهل، وانعِـدام التـّربية البيئية و الأخــلاقية هي…هي….
وبالرّجوع إلى الحرائق التي اندلعت في غابة مديوتة بطنجة، لن نتعرّض للأسباب المفترضة رغم الإشاعات المتداولة، فالأمر يتعلّق بالأجهزة المختصّة ذات العلاقة بالموضوع. فقط وارتباطاً بما حدث في السنوات الماضية نريد أن نخرج باستنتاج هو مجرد اجتهاد مرتبط بقرائن موحية وليس بحكم. فقد سبق أن شبت حرائق بغابة السلوقية وربطها بعض النّشطاء بفعل فاعل، خصوصاً عندما ظهرت أطماع ومساع حثيثة خبيثة لبعض المنعشين العقاريين للاستيلاء على هذه المنطقة الغنية بأشجارها وغاباتها لتفويتها إلى جهات أجنبية. وقامت يومها حركة احتجاج نشيطة ومكثّفة ضد تفويت غابة السلوقية وهي من المتنفسات القليلة التي بقيت لسكّان طنجة بعد أن استولى رجل أعمال معروف على هكتارات غابوية بمنطقة الرميلات بمباركة وموافقة الوزير الأسبق في حكومة التّناوب عبد الرحمن اليوسفي. وقد اطلعت شخصياً على الوثيقة التي يجيز فيها للأملاك المخزنية تفويت هذه الأرض لرجل الأعمال الأصيلي الذي اجتث أشجاراً عمرت سنيناً ليبني خرسانة من الحجر والحديد، وليراكم الأرباح بدعوى النهوض بالسياحة… فغابة تفوت وأخرى تحرق… فماذا بقي لطنجة سوى البحار والشّواطئ الملوّثة ؟!… وكم تعاني الساكنة في مدينة كانت مضرب الأمثال بغاباتها، ومياهها التي تحفر جداول في هذه الغابات ( غابة الركالة مثلاً ) وشواطئها التي كانت مياهها أنقى من البلور الصافي. ورمالها في لون الذهب.
ورغم ما أشرنا إليه عن حالة التسيّب والإهمال بغابات أخرى فإن إدارة المياه والغابات لم تعر للأمر اهتماماً…
وكذا نشطاء المحافظة على البيئة… ربما ينتظرون الكارثة لينهضوا ويعجزوا ويلجؤون إلى الجار الغربي. فكثيراً ما يكون المواطن نفسه سبباً في وقوع الكارثة… وفي هذا المضمار أشرنا مراراً إلى حالة الغابة المجاورة لمستشفى الضمان الإجتماعي الكائن بمنطقة مالاباطا، والقريب من حي طنجة البالية… هذه الغابة يقصدها سكان الحي المذكور فيطبخون قدورهم وطواجنهم عند جذوع أشجار الغابة، مستعينين أحياناً بأغصانها وعيدانها. وكثيراً ما يلاحظ الزّائر جذوع أشجار مرمية على الأرض. أمّا الأشجار الثّابتة فإنّ جذوعها تحولت إلى لون الفحم، وهذا ما يعني لدى أصحاب البيئة موت هذه الأشجار نهائياً وتوقف نموها بعد ما أحرقت جذورها تماماً كالشّرايين التي تنقل الدم والأوكسجين إلى سائر الجسد الحي. كتبنا عن استفحال استعمال جذور وجذوع وأغصان أشجار هذه الغابة التي تحيط بها أطلال تاريخية تعود للعهد البرتغالي القديم. وهي شقيقة الأطلال الموجودة بشاطئ القصر الصغير… ورغم هذه التّنبيهات لم يتغير الأمر… فالجهل هو الجهل، وانعدام التّربية البيئية والأخلاقية هي هي… بل وتزيد استفحالاً… والمراقبة منعدمة كلياً… وقد قيل أنّ سكان الفيلاّت المجاورة لم يروا البتّة، وفي أي يوم أو لحظة حارساً أو ضابطا للمياه والغابات يتفقد الغابة… فهل تنتظر إدارة المياه والغابات كارثة مثل كارثة غابة مديونة حتّى تتحرك بقضها وقضيضها ؟… لذلك نقول : نحن نعيش عهداً سائباً، فلا رقابة ولا مراقبة ولا حساب.
قد يكون لحريق مديونة سبباً أو أسباباً وهو طبعاً ليس قدراً مجرداً. وقد يكون للإهمال وسوء التّصرّف والجهل يد في الأمر. فكل شيء محتمل ووارد أمام انعدام الأدلة والأسباب الحقيقية التي تظل رهينة بتحقيقات الجهات المختصة..