المناظرة الوطنية حول الوضع بإقليم الحسيمة
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( مناظرة حول قضية الحسيمة )
الجمعة 23 يونيو 2017 – 11:45:11
أشغال هذه المناظرة تدور حول ثلاثة محاور أساسية: ” الوضع العام القائم بالحسيمة”، و “الشروط الضرورية لاستعادة الثقة”، و “الآليات المؤسساتية لتجاوز الوضع القائم”. وتخلص المناظرة إلى توصيات تتم المصادقة عليها في الجلسة الختامية.
يُسَجّل أن جهة طنجة تطوان الحسيمة تعامَلت مع الاحتجـاجـات الشعبية بالحسيمة بكامل المسؤولية بمقتضى صلاحيـاتها الدستورية ودورها المؤسساتي، عبـر التواصُـل مع الجهات المسؤولة عن تنفيذ المشاريع التنموية المسطرة لهذا الإقليم، والدعوة إلى فتح حوار جاد بهذا الخصوص بُغية الوصول إلى حلول تستجيب لطلبات مواطني هذا الإقليم.
ومنذ البداية تم التحذير من استعمال المقاربة الأمنية التي ثبت أنها لا يمكن إلا أن تشجع على التصعيد والاحتقان والانزلاق. والحال أن الوضع يقتضي بالضرورة اعتماد مقاربة تنموية تحمي الحقوق الأساسية للمواطنين التي يكفلها الدستور، وتعمل على تثبيت الأمن والاستقرار بالمنطقة.
وإدراكا لمسؤولياتها الدستورية والمؤسساتية، وحرصا منها على العمل من أجل الوصول إلى حلول للقضايا التي يتظلم منها مواطنو إقليم الحسيمة، ارتأت الجهة التأسيس لحوار جدي بين كافة الفاعلين عبر مناظرة وطنية تقف على حقيقة الوضع وعلى حاجيات المنطقة وتكشف العيوب التي رافقت تنفيذ مخططات التنمية لإقليم الحسيمة، داخل مخطط “المنارة” وخارجها، وتحدد المسؤوليات في ما تشهده المنطقة من تهميش وتراجع فاضح عن التزامات محددة في الزمان والمكان، اتخذت أمام جلالة الملك.
ولابد أنه سوف يتم التطرق، بوصف عام، إلى معيقات الانتقال الديمقراطي بالمغرب، الذي لا يساير حركية المجتمع المغربي وديناميته المتسارعة، ولا يعكس طموح المواطن المغربي إلى القطع النهائي مع أساليب سنوات الرصاص، المبنية على مفاهيم “المؤامرة ” و “التخوين” و “العمالة للخارج”، و “المساس بالمقدسات” ، ولا يساهم في ترسيخ مبادئ الديمقراطية الحقة.
ولابد أن المناظرة سوف تضع سؤال “المحاسبة” الذي رفع كشعار للمرحلة، ولكنه بقي حبرا على ورق، بسبب تعطيل عمل المؤسسات التي ظلت، ولا زالت، تطالب بتحديد اختصاصاتها الدستورية. ولا أدل على ذلك من أن الجهات ذاتها لا زالت تنتظر تحديد اختصاصاتها بوصف دقيق، وهي المطالبة بتحقيق التنمية الجهوية الشاملة في إطار مخططات التنمية الوطنية، والمساعدة على القضاء على المركزية المقيتة، التي أطلقت يد جهات محددة، في تدبير الشأن العام، بما لا يوافق، في أغلب الأحيان، حقوق الأفراد والجماعات وتطلعاتهم إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، طبقا للدستور وتنفيذا لإرادة الأمة.
ولعل هذا ما دفع فريق حكومي يتزعم الأغلبية، إلى الإعلان عن رفضه المشاركة في هذه المناظرة الوطنية، التي كان من المفترض أن يكون سباقا للمشاركة فيها، ولو من باب “تبرئة الذمة” حيث إن من بين وزرائه من وقعوا، أمام جلالة الملك، على التزامات واضحة، بشأن تنفيذ مخطط “الحسيمة منارة المتوسط” ويوجدون على رأس المطالبين بالمحاسبة.
والغريب أنه بعد شهور من الاحتقان والمواجهات المؤسفة المؤلمة، بين المواطنين وقوات الأمن، يتم الإعلان عن مشاريع تهدئة، من باب مشروع غرس الأشجار المثمرة، وحل مشكلة الصيادين من “النيكرو” والالتزام، في بيان حكومي صدر قبل يومين، بتنفيذ مختلف مشاريع “المنارة” في وقتها المحدد، إلى آخره من القرارات الترقيعية المعتادة.
ترى، هل لو كان الوزراء ونوابهم على مستوى الأقاليم والجهات احترموا ميثاق الشرف الذي يجمعهم بالشعب، والتزموا بتنفيذ المشاريع المبرمجة داخل مخطط “المنارة” وخارجها، وتحصلت المؤسسات الدستورية ، ومنها منظومة الجهوية، عن وسائل العمل الضرورية والكافية، و، أساسا، على الاختصاصات المرتبطة بعملها، أكان لاحتجاجات المواطنين بالحسيمة وبالرباط وبمختلف جهات المغرب، ما يبررها؟!.