أمة لآغية …وقومية في خبر كان
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي ( “الأمة والقضية ” )
الجمعة 03 مارس 2017 – 18:55:13
• خيار الدولتين تَــلاشى، وأصبــحَ خـرقـة بـاليــة
• في الأرض بغاة، وقد كانوا هاموا في الأرض تائهين سبعون سنة .
و حَـتَّـى مَبدأ الدَّولتين المُجــاورتيــن المتساكنتين بدأ ينحسر عنه الضوء بعد ما تبين أنه لم يعد يشكل الأولوية لدى الإدارة الأمركية الجديدة، وعلى الطرفين تقديم تنازلات، وهكذا يراد للضحية أن يتنازل للجلاد، وما على الفلسطينيين إلا تطبيق الخيار الذي نادى به سابقا أحد المسؤولين الأمريكيين حين دَعــا الفلسطنيين إلى تأسيس دولتهم في سيناء وغزة المحاصرة منذ عشر سنوات.
أمّــا خيـار الدولتين فقد تلاشى وأصبح كخرقة بالية فبدون القدس، القدس الشرقية بالخصوص لاوجود لدولة فلسطين والقدس ضمتها اسرائيل إلى حدود الدولة اليهودية داخل السور الذي يصل طوله إلى 700 كلم بعدما بدأ بـ 500 وضمنه القدس وبيت لحم، ورجوعاً إلى التاريخ فقد سبق للرئيس التونسي الراحل الجيب بورقيبة أن طالب في عزّ الأزمة واللاءات الثلاثة التي رفعها العرب في وجه اسرائيل بتقسيم أرض فلسطين بين العرب واسرائيل… ثمَّ جــاء بعده الرئيس الليبي معمر القذافي فاقترح دمج الهويتين في إطار دولة واحدة تَحْمِلُ اسم “إسراطين” في عهد بورقيبة ثارَ العرب في وجه اقتراحه ووصل الأمر إلى حدّ تخوينه ووصفه بالتخلي عن القضية العربية الأولى.
وتوالت تَنــــازُلات العرب المُخزية أمـامَ تعنُّت وتماطُل اسرائيل بحَمائمها وصُقــورهـا، يمينها ويسارها، ونسيَ العربُ أن الإسرائيليين رأي واحد وقرار واحد و مصير واحد أمام مبدأ اسرائيل الكبرى، ولا أهمية أو اعتبار ليمين أو يسار في هذا الأمر.
توالت التنازلات لحد القبول بأي شيء، وأي قـــرار تفـــرضه القوى العظمى وكان التلويح بمبدأ حق الدولتين تلويحاً مُـزمنــًا وطَـويلاً إلى أن بَدأ الحَديـثُ عـن تقديم تنــازُلات يــوم ابتَدأت اسرائيل في ابتلاع المزيد من أراضي الفلسطينيين وتَصويت الكنيست الاسرائيلي بالإجمـــاع على نزع الأرض الفلسطينية لصالح إقامة المستوطنات التي شَكَّلَت إلى جــانبِ الحزام الإسمنتي حـزامـا بَشريـــًا يمد شرا بين الاحتلال في كل الأرض الفلسطينية وهَكذا فبعد 43 قـانـونـــًا لمصادرة أراضي الفلسطينيين، وبعد قرار الكنيسة الاسرائيلي الذي فتح الباب لنهب الأراضي، والتمدد الاستيطاني في الصفة الغربية، واخضاعها للقانون الاسرائيلي والإجهاز على أمل قيام الدولة الفلسطينية التي أصحبت خطابا وهتافا بلا مضمون، بعد ذلك تقرر الحكومة الاسترائيلية أخيرًاً إقامة ستة آلا فوحدة سكنية جديدة في تحد لقرار مجلس الأمن حظر الاستيطان، ومتى كانت اسرائيل تنصاع للقرارات الدولية؟! أما الفلسطينيون فلهم غزة الجائعة.. وأمام هذا المد الاستعماري والاستعبادي يبحث المرأ عن بقية رجولة طائشة في ركن من أركان المعمور.. عن اسلام وعرب .. عن …”وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة”…
“وعن الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس”…
وعن صواريخ الحسين والإمام… فلايجد سوى الرماد بعد أن انطفأت جذوة النار المتأججة منذ تلونت مياه دجلة بد ماء الشهداء ومنذ أعطوا للجنود المصريين في جبهة القتال مع عصابات العاخانا أسلحة فاسدة… ومنذ حرب الستة أيام الخاطفة التي كانت استمرراً لقنبيل سنة 1948، والتي شكلت الصربة القاسمة لقوى ودول عربية محيطة بتل أبيب، والتي راحت فيها القدس المقدسة بجرعة ماء، فلم تنهض للاسلام والعروبة نهضة بعدها، ولازلنا نكابر بعد أن خلينا عن اللاءات الثلاثة، وبعد القبول بالجلوس مع اسرائيل وقد كان ذلك جزء من اللاءات… ولشد ما يشتدّ الخوف، والأرض الفلسطينية تذوب كل يوم وتتهاوى تحت جرافات الهدم، ومعاول البناء… والستوطنين ينتشرون في الأرض بغاة، وقد كانوا هاموا في الأرض تائهين أربعون سنة.. الأرض تذوب تحت وطأة المغول الجدد.. والإنسان يسقط غيلة وغدراً، وقد يظل شامخا ولكنه شموخ الذبول، والرؤى تتأذى بشاهد تقذي وتؤذي العين، وما باركه اللّه حول قبة الصخرة من قبور مثاوى الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين تصفع كل مسلم وكل عربي كل صباح، وكل مساء، وتذكره برسالة عمر بن الخطاب، وحملة صلاح الدين الأيوبي.. ثم ماذرته الرياح العاصفات في الاتجاهات الأربعة حيث زحف التائهون من كل حدب ينسلون فجمعوا الشتات المنتشر كالبعوض شرقا وغربا، وشحنوا البواخر.. ودفعوا الاتاوات والرشاوي ثم طاردوا أصحاب الملكوت في كل الجهات وركبوا كل الأحصنة والحديد، وباعوا واشتروا فأصبحوا قوة اقتصادية ومالية يحسب لها حسابها ثم بادروا مدفوعين بلوبياتهم المالية إلى شراء الذمم، وإلى التأثير في اختيارات وقرارات الدول ومصائرها ومراكز نفوذها فتحولوا إلى قوة فوق كل قوة…. ولم يستطع العالم بكل تجمعاته، وديمقراطياته ومجالسه الثابتة والنافذة والعائمة ابداء أي ردّ تجاه العنت والكبر والجبروت.
ولايملك العرب والمسلمون إزاء هذا المسخ سوى عبرات يتيمة يتداولونها في مؤتمراتهم الفاشلة المتخاذلة بها يبدؤون وإليها ينتهون… يعودون عقب كل جولة إلى قواميس اللغة يستنجدون بها لعلهم يجدون فيها متنفساً، فيبحثون في المعلقات وأشعار ديوان الحماسة، ثم يخرجون بالفاظ من طينة… “نستنكر… إن الدول العربية تدين… والمجموعة الإسلامية تشجب…”وكأن الكلمات تملك قوة النار… وهي كلمات ساخنة رغم أنها باردة…. ولكن الأم لا تملك سواها… وما عداها فهو سلاح للتجربة كما تفعل إيران… وأسلحة للاستيراد والاستعمال في حرب اليمن، وعلى اسرئيل السلام فلا إزاعاج ولاهم يحزنون..