محمد العطلاتي
جريدة طنجة – محمد العطلاتي ( الأمازيغ )
الثلاثاء 07 فبراير 2017 – 16:39:20
لعلَّ التــاريـخ المُعـاصـر للمغـرب الأقصى يحفظ لهذا البلَد ، بصـورة من صُــوَر التــأريخ، المتأرجحة دوماً بين الحقيقة الموضوعية و التمثلات الذاتية، تلك البطولاتِ الخالدة التي سجَّلها أبناءُ مازِغْ المغاوير. ربَّما يتذكرُ جميعُنا ملاحمَ مولاي موحند و القائد حدّو، في الريف و بطولات موحا بالأطلس، و مواقف علّال و أحنصال الجريئة، لكن قلةً قليلة منّا من تَعْرفُ أن أشْهر أعْلام الفِكر و العلوم في هذا القُطر المغربي هُم أبناءُ مازِغَ حقيقيّون، كابْنَي تومرت و تاشفين، في السياسة، و ابْنَيْ رُشْد و بَطّوطةَ في عُلوم الاجْتِماع، والعلّامة أكنْسوس في عِلم التأريخ و ابن البيطار في علوم الطّب،و العالم ابن آجروم في علوم اللغة العربية، وطبعاً دون إهمال دور ابن فِرْناس، في تطوير “عِلم الطيران”.
لقد اعْتاد الناس، و بين هؤلاء من يعُدُّ نفسَه مُثقفا، نِسبةَ أولئك “الأعلام” إلى العِرْق العربي، وتسويقَها للعالم بهذه الصفة المُجانبة للحقيقة، لتتواتر هذه “العادة السيئة” و “يُؤْمِنَ” بها، في بلاهة، من يُفترضُ فيهم، قبْل سِواهم، إعمالُ العقل دون النّقل.
ترِدُ في الأحاديث المذاعة أو المنشورة على منابر الإعلام، الحكومي و الخاص، أقاويلُ أباطيلُ يقع المرء بِسَبَبِها في حيرة من أمره، لأنها لا تستند لذرة واحدة من المنطق السليم،. في واحدٍ من هذه “الأحاديث” الباطلة، “استغربتْ” واحدة ممن يدّعين “الثقافة”، في حديث إذاعي أن لا يعرف شباب المغرب بِبِلاد المَهْجر، النطقَ بلسان العربية الدارجة، قبل أن تواصل بلاهتها بالقول إن “المساكين” لا يعرفون لغة إلا الأمازيغة و الألمانية .فهل يُعقل أن يُقِرَّ الدستور المغربي الأمازيغيةَ لغةً رسمية، ليُنْكِرَها، صراحةً أو ضمْناً، “مثقفٌ” بُهْلول لمْ يُؤْتَ من “العلم” شيئاً ؟
خلال مشاركة المنتخب المغربي في منافسات كأس إفريقيا للعبة كرة القدم، اعتاد جمهور عريض من الجاهلين تصنيف منتخبنا الوطني ضمن المُنتخبات “العربية”، وهذا، باعتقادي الرّاسخ، من مُنْتهى البَلاهة و الحُمْق، فكيف يجوز، عِلْماً و منْطقاً، أن تُنسب لفريقٍ جُلُّ أفْراده ناطِقونَ بلُغة الزّاي صفةٌ لا تعْكس بالمُطلق مغْربيتهم، بل تفْرِضُ انتسابهم لأقوام لا تربطهم بهؤلاء صلة لسانية ؟ أليس عملٌ أبلهُ كهذا دليلا على الغُبن اللاحق بلغة و ثقافة الشعب الأصلي ؟
قد يُفهم من هذا الكلام التحريضُ ضدَّ العرب و العربية، وهو في الواقع فهم معتوه لا يستقيم و لا يتأسس على المنطق السليم، و لا أدل على صحة ذلك من كون عِظام الأعْلام الذين تبحّروا في علوم لغة الضاد هم أمازيغُ يحْيَــوْن ببلَدهِـم المغــرب الأقصى…