عندما تضيع الحقوق الفكرية أمام السرقات الأدبية!..
جريدة طنجة – مصطفى بديع السوسي (مسارات )
الأربعاء 04 يناير 2017 – 18:26:01
• الطفرة العلمية التي اجتاحت العالم سهلت ممورية القراصنة..
• سرقة بالمعنى الواضح ولو عاند السارق..
لا يقتصر الأمر على المغمورين فقط، فقد سقط في شباك القرصنة كتاب وفنانون نسبوا قطعا أدبية لهم، أو اقتنصوا فكرة شريط سنيمائي أو لحن أو كلمات، وهذا ما أصبح شائعا وكثير الحدوث، إلا أن المعضلة هي أن تقتحم القرصنة الجسم الصحافي فيلجأ البعض إلى الأنترنيت أو الجرائد الإلكترونية لنقل استطلاع أو تحقيق أو مقال بالكامل مكتفين بتغيير العنوان وبعض الكلمات والألفاظ ومتبنين العمل الصحافي المقرصن بالكامل. وكمثال على إحدى هذه الفضائح اللصوصية ما أقدمت عليه الصحافية والممثلة المغربية بشرى إيجورك من نشر مقال «لست ككل الرجال.. أهديه لرجل ككل الرجال » في إحدى اليوميات الوطنية نهاية الأسبوع 11 و 12 يناير2014 في الصفحة الأخيرة، بينما المقال يعود في الأصل للكاتبة الإماراتية شهرزاد الخليج، ونشر في مجلة «زهرة الخليج » يوم الأحد 10 فبراير 2013 . وقد اعترفت بشرى إيجورك بارتكاب هذه السرقة، حيث قالت : «لقد طلب مني قرائي الأوفياء وكل من ساندني ودعمني ووقف بجانبي أن لا حاجة لهم لتوضيح لأنهم يعرفون مسبقا أنني لا أسرق وليس من شيمي تبني أفكار الغير ولا أستنسخ شيئا ليس لي، لكنني لا أجد عيبا في توضيح اللبس والاعتراف بخطئي في العودة إلى مقال سجلته بقائمة حاسوبي باسمي منذ 2011 كي أكتشف بمجرد صدوره أنه مقال منشور منذ 2002 أو 2008 وبأنه يعود لكاتبة خليجية.
الاقتباس جائز، وأخذ بعض الأفكار أيضا مقبول، ولكن أخذ العمل كله مع بعض الرتوش فهو ما ليس مقبولا ولا جائزا ولا مشروعا، والأمر لا يقتصر على بلد دون آخر ولا على مجتمع بعينه، بل لقد سبق الغرب الكثيرين في هذا المضمار… وقد نحت بعض الصحف والمواقع الإلكترونية، منحى آخر، حيث ت عُيد نشر مواد إخبارية عن وكالات عربية وأجنبية دون ذكر اسم الوكالة وبدلا من ذلك تنسب هذه المواد إليها.
وبدون إبداء أي اجتهاد أو بحث، فالصحف والمواقع تحفل بهذه السرقات وكأنه عمل مشروع وعادي، هناك من يضيف إلى المقال الذي نشرته صحيفة ما بعض المعلومات ثم يعتقد أن المادة المكتوبة ملكه، وإضافة الجديد فيما يتعلق بالحدث، وإعادة الصياغة من جديد للحصول على مادة جديدة يعتبر سرقة رغم ما و ظُف فيها من ذكاء، سرقة بالمعنى الواضح ولو عاند السارق وبرر الأمر بالصياغة الجديدة التي أنتجت مادة جديدة. ولقد قام بعض المتطوعين العرب بابتكار موقع يفضح هؤلاء مع نشر المواد الأصلية والمواد المسروقة مع صور السارقين، هؤلاء المتطوعين التأموا في موقع «نادي سراق الكلمة » بعد أن اكتشف صاحبه أن الكثير من الكتاب العرب ورسامي الكاريكاتير ما يزالون يأخذون من جهد الآخرين رغم كشفهم على الأنترنت ولنصوصهم ومقالاتهم المسروقة، يقول نادي كشف السرقات أن الهدف الأول هو كشف حقائق بعض الكتاب ممن استسهلوا الكتابة الصحفية من خلال بحثهم عن مقالات قديمة أو مدفونة في صفحات الأنترنت قد لا يتنبه إليها أحد، فيقوم الكاتب بسرقتها وتوقيعها باسمه، دون اعتبار لمجهودات الكتاب الآخرين، والهدف الثاني هو فرض احترام الحقوق الفكرية لكل كاتب مجتهد قضى يومه تحت ضغوط شديدة كي يخرج بفكرة جديدة، فيأتي أحد أدعياء الثقافة ليصنع لنفسه هالة صحفية هشة، وشهرة زائفة من خلال سرقة جهود غيره، طبعا كل هذه الجهود لن تمنع حدوث السرقات الأدبية ولكنها ستساعد على الحد منها، ويبقى الأمر في الأخير خاضعا للضمير المهني والتشريعات.
فحقوق الملكية تتعلق بالمؤلف وبالقطعة الموسيقية لا بمقالات واستطلاعات وتحقيقات تأخذ اللباب وتتحايل في الصياغة واللعب بالألفاظ حتى يبدو العمل الأدبي أو الفني من بنات أفكار السارق… والكثير من المطربين أو الملحنين من اشتكوا من سرقة إنتاجهم أحيانا بالكامل وإنجاز ألبومات له وتقديمه للجمهور… وكثيرا ما شهدت ساحة القضاء هنا أو هناك دعاوى مرفوعة للمطالبة بالتعويض عن السرقة، أو بطلب إصدار أمر قضائي لوقف إذاعة وبث المقطوعة الموسيقية أو الغنائية، هذا عمل كامل مسروق.. بينما يختلف الأمر في المقالة والاستطلاع حيث لا يتعرض السارق للمتابعة بحكم إعادة صياغة العمل المسروق وأقصى ما يمكن عمله أن يلجأ الكاتب الحقيقي المسروق إلى إصدار بيان حقيقة حول السرقة التي تعرض لها عمله الأدبي.
ورغم أن القانون لا يطال لصوص النصوص.. ورغم أن الكثير من المفكرين تضرروا من قرصنة أعمالهم، فإن وجود فراغ قانوني يحاسب على هذه السرقات شجع القراصنة على الاستمرار في نهب جهودهم، كما أن الثورة الإلكترونية، والطرفة العلمية التي اجتاحت العالم سهلت مامورية القراصنة، وجعلت العالم كله بكل تقنياته وابتكاراته وتقدمه رهن إشارتهم، فكل إيجابي يقابله سلبي.. وكل خير في طيه شر والعكس صحيح. وكثيرا ما تفتق العقل البشري عن مبتكرات ألحقت الضرر بالإنسانية، وهذا ما سجله التاريخ على مر العصور والأزمان.
يبقى أن نشير إلى أن السرقات الأدبية ليست وليدة اليوم، وأن لصوص النصوص وجدوا في كل مكان، وغالبا ما يتعذر الوصول إليهم ولا كشف سرقاتهم، وبالتالي فإنه يستحيل تعويض المتضررين وبذلك فلا نهاية لهذا المسلسل الذي يبدو أنه بلا بداية ولا نهاية، وأنه سيستمر إذا لم تخلق آليات وقوانين للحد من هذه الظاهرة اللاأخــلاقيـة….



















