في شبابي أخبرني كرويف بأنني أبطأ من جدته
جريدة طنجة – حوار مع : بيب غوارديولا ( .حوار السبت. )
الأربعاء 19 أكتوبر 2016 – 11:44:17
كشفَ الإسبـاني “بيب جوارديولا”، المدير الفني لمانشستر سيتي الإنجليزي، والذي كان مدرباً ولاعباً سابقاً في صفوف ناديه الأم برشلونة، عن بعض أوجه المعاناة التي لاقاها في بداياته مع البارسا تحت قيادة الأسطورة الهولندية الراحل “يوهان كرويف”، مطلع تسعينيات القرن العشرين.
وأضاف مدرب بايرن ميونيخ السابق قائلاً “لم أفهم الأمر في البداية، ولكنني أدركت فيما بعد أن هذا هو الأسلوب الخاص بكرويف، فقد كان مدرباً متطلباً لأقصى درجة، وكان دائماً ما يدفع لاعبيه ويحثهم على تقديم الأفضل، ولكنه كان أول المدافعين عنهم بمجرد أن يصبحوا لاعبين أساسيين في فريقه، فقد كان يعرف متى ينتقدنا ويدفعنا لبذل الجهد، ومتى يهب للدفاع عنَّا وقت اللزوم”.
وأوضح جوارديولا “”كرويف كان يتمتع برؤيةٍ ثاقبة وطريقةٍ مثاليةٍ في التواصل مع لاعبيه، فقد كان يشعرنا دائماً بالنهم لتقديم المزيد ويشرح لنا يومياً كيف نتحسن باستمرار… على سبيل المثال، كنت لا أستطيع التحكم في الكرة سوى بقدمي اليمنى في بداياتي، فما كان منه إلا الاستمرار بالصراخ تجاهي [روضها بقدمك اليسرى، روضها بقدمك اليسرى]، مما جعلني أتقن اللعب بكلتا القدمين في نهاية المطاف، وهو الأمر الذي أحرص عليه أيضاً في توجيهاتي للاعبين بعدما أصبحت مدرباً، فقد استفدت كثيراً من أساليب كرويف ووجهات نظره في صنع فلسفتي الخاصة كمدربٍ فيما بعد”.
ولدى سؤاله عمّا إذا كان كرويف قد نصحه في بداية مسيرته التدريبية مع البارسا بإبقاء الرئيس بعيداً عن غرف تغيير ملابس الفريق، كما ورد في الكتاب، أجاب ضاحكاً “نعم، لقد فعل، ولكن لحسن الحظ، كان رئيس البلوجرانا -جوان لابورتا- صديقاً لكرويف في ذلك الحين، لذا، لم تكن بمشكلة… على أي حال، لم يكن كرويف يتدخل في الأمور الكروية كثيراً، بل كان ينصحني دائماً بشأن كيفية إدارة أمور الفريق داخل وخارج أرض الملعب، كما كان ينصحني كثيراً في الحياة بوجهٍ عام”.
أما عن شخصية فقيد الكرة العالمية، فقد كشف بيب العديد من جوانبها قائلاً “يوهان كان يملك معرفة كبيرة بكرة القدم وذلك بالإضافة إلى شخصية عظيمة. العالم بأسره يعرف الكثير عن كرة القدم، لكن قلة قليلة هي القادرة على جعلك تفعل ما تريده منك، ويوهان كان قادرًا على ذلك. أعترف أني كنت أخاف كثيرًا منه في السابق. لقد كان صارمًا جدًا ومتطلبًا من لاعبيه، لكنه تغير كثيرًا بعد التقدم في السن وقد أصبح يعيش لمساعدة الآخرين”.
واستطرد مدرب السيتيزينس الذي يتصدر فريقه جدول ترتيب البريميرليج حتى الآن “ظننت أنني أعرف كرة القدم في بداياتي، ولكنني اكتشفت فيما بعد أنني لم أكن أعرف أي شئٍ عنها قبل مقابلة كرويف، ولم أكن لأصل لما إلى ما وصلت له إن لم أكن قد قابلته، فقد كان حريصاً على مشاركتنا في كافة مناحي التدريبات، وكان يلعب معنا ولا يكتفي بالجلوس على الدكة لمتابعة التدريب، بل كان يدخل ليشرح لنا الحركات المطلوبة بنفسه، لقد كان الأمر أشبه بالذهاب إلى الجامعة لتعلم الجديد يومياً، وقد كان يلعب أفضل منَّا جميعاً رغم كونه مدرباً في ذلك الحين”.
وأكمل جوارديولا مجيباً لدى سؤاله بشأن ما إذا كان الناس سيتذكرون كرويف بعد 50 عاماً من الآن “بالتأكيد سيتذكرونه، فالناس دائماً ما يتذكرون المدربين الكبار الذين يحققون الأرقام والبطولات مع أنديتهم المختلفة، فما بالكم بمدربٍ استطاع تغيير فلسفة ناديين مختلفين كلاعبٍ وكمدرب، كلاعب مع أياكس حينما قادهم للقب دوري الأبطال، وكمدربٍ مع برشلونة حينما غيَّر عقلية النادي بأكمله… أعتقد أنه الشخص الأكثر تأثيراً في كرة القدم عبر التاريخ”. واختتم موضحاً مدى التغيير الذي أحدثه كرويف في الكامب نو قائلاً “برشلونة كان فريقاً كبيراً قبل كرويف، ولكنه لم يكن يتمتع بأسلوبٍ ومنهجٍ واضحين، فقد أشرف على تدريبه مدربٌ أرجنتينيٌ طبَّق الفلسفة الأرجنتينية، ولكن الأمر تغير بعدما وصل مدربٌ ألمانيٌ طبق فلسفته الألمانية، قبل أن يصل كرويف في نهاية المطاف، ليغير من عقلية النادي ككل منذ ذلك الحين وحتى الآن…
يتطلب الأمر الكثير من الكاريزما والشخصية للتأثير في نادٍ بأكمله، فحينما كنت لاعباً في البارسا، كنت أشاهد الناشئين بعمر الـ7 أعوامٍ في مدرسة النادي يطبقون نفس أساليب تدريباتنا مع كرويف. لقد كان مدرباً جريئاً يؤمن بمهارة اللاعب بغض النظر عن صغر سنه، ويراهن على أن اللاعب القادر على على القيام بتمريرةٍ جيدةٍ يستطيع في النهاية بناء هجمةٍ تؤدي لمرمى الخصم… لقد صنع جيلاً من المدربين الرائعين من أبنائه في برشلونة وأياكس في كل مكان، مثل ماركو فان باستن، فرانك ريكارد وغيرهم”..