“عــــاق أو فــــــاق ؟”
الأربعاء 12 أكتوبر 2016 – 15:11:45
لقد استطاع الشيخ بن كيران، في بداية عهده بالبرلمان و لاحقا، في مستهل ولايته رئيسا للحكومة، أن يخدع العامة فحقق بين هؤلاء اتفاقا في النظرة إليه كرجل صلاح و تقوى و اعتباره وليا من أولياء الله الصالحين ممن لا تعوزهم النية في السير بالبلد نحو الرشاد و الصلاح، و إعمال يد الإصلاح والتهذيب، سيما بعدما منحه آخر دستور جديد للبلاد صلاحيات واضحة للعمل،إلا أن النية بالنسبة للجمهور كما العامة،و رغم أنها مطلوبة و محبوبة في ديانة الإسلام،إلا أنها لا تقوم مقام الفعل المادي أو تُغني عنه،فالسيد بنكيران،حفظه الله،لم يكف منذ اعتلائه رئاسة الحكومة عن إلقاء الخطب كيفما اتفق، و لعل ما جادت به قريحته أمام مجلس النواب عندما ضاق ذرعا بمطالب ضحايا الاتفاق الذي وقعه حليفه الذي “غدر” به، حزب الاستقلال،مع حملة الشواهد العليا المعطلين بالمغرب، فالرئيس لم ير حرجا في مواجهة أصحاب هذه المطالب المؤسسة على اتفاق سابق بقوله إن الرزق عند الله و ليس عند الحكومة! فالسيد عبد الإله استهتر بهذه المطالب لأنها لا تروق من أوحوا له برفضها، وهم على كل حال مالكو البنك العالمي و صندوق النقد الدولي.
الحقيقة أن السيد بنكيران، كرمه الله، الذي لم عمر بيت الحكومة لخمس سنوات،قد تفرغ منذ اعتلائه سدة الرئاسة للاعتناء بنفسه، و الاعتناء بالنفس لا يعني بالضرورة تبذير الأموال العامة أو الخاصة في سبيل ذلك، بل هو، في عرف بنكيران، كسب ثقة المؤسسة الملكية،لأنه يرى أن الربح من عنده والخسارة كذلك، و لأجل ذلك فإن الأستاذ بنكيران لم يلتفت حقيقة إلى أمور الحكم ومسؤولياته، بل التفت إلى البحث عن السبل الكفيلة بضمان استقراره و عودته بعد انتخابات الجمعة إلى سدة الرئاسة، و ذلك لن يتم، طبعا، دون كسب رضا الملك، و هكذا تحول الرئيس إلى الدفاع عن الملكية، حتى صار ملكيا أكثر من الملك، فحيثما لقي الفرصة ،أو حتى دون لقيانها،تراه قد أسهب في تعداد مزايا الملكية و أمجادها،وكأن المغاربة حديثو عهد بهذا النظام الضارب جذوره في أعماق التاريخ المغربي، و هذا نمط من التصرف يبعث،في الواقع، على الشك في حقيقة نوايا “إخوان المغرب” و ممثلهم المعتمد بالمغرب “حزب البيجيدي ” إزاء المؤسسة الملكية ومدى تطابقها مع الأفكار التي ما فتئ زعيمهم يعبر عنها.
هل يعتقد رئيس الحكومة أن وصوله إلى تولي منصب رئاسة الحكومة لم يكن إلا لسبب واحد هو إثبات ولائه للملك ؟ أم أنه، كما اعتاد التصريح، طيلة مدة ولايته، قد أتى لتبديل أحوال المغاربة بضمان كرامتهم وحريتهم و إنقاذهم من براثن الفقر و التهميش؟
إذا كان الرئيس، المنتهية ولايته، قد تزود بخير الزاد “التقوى” لمواجهة صعاب الحكم وأهواله، فذلك شيء مطلوب و غير مذموم ، أما إذا كان لا يترك الفرصة تمر دون التذكير بولائه للملك، فليعلم الأستاذ بنكيران، حفظه الله، أن ذلك لن يشفع له كثيرا، فالبلد مازال يفتقد العدالة الاجتماعية و العدالة الجبائية، و معنى هذا أن السيد بنكيران قد نحج، في تنفيذ “برامج التقويم الهيكلي المعاصر”، نجاحا باهرا، بدل النجاح في تحقيق تعهداته الموغلة في الكذب و الاختلاق, فهل أسعفه “الحظ السياسي” و الاحتماء وراء المصطلحات الشعبوية في تضليل الرأي العام مرة ثانية، أم أن “الشعب العفريت”، عاق و فاق ؟.